كتب - شريف سمير :
قبل مدفع الإفطار بدقائق، تتسابق سيارات المواطنين في الشوارع أثناء العودة من العمل للحاق بمائدة المنزل، ومنهم من يصل فى الميعاد، ومنهم من يستمع إلى صوت الآذان وهو فى الطريق .. والكل بلا استثناء يشاهد "مصريين جدعان" يلقون إلى السائقين والمارة بالتمر "قطعا ومشروبا" ومياه معدنية وخيرات كثيرة، وهذا طبع أصيل في الشعب المصري.
ولأول مرة منذ قرون قام المصريون بتوزيع التمر هندي غير محلي باسكر لعجز الشباب عن توفير كميات كافية منه،
فرغم الأزمة الاقتصادية وارتفاع الأسعار بشكل خيالي لم يتخل المصريون عن طباعهم الأصيلة وشهامتهم في تقديم المشروبات والتمر لعابري الطريق قبل أذان المغرب بدقائق.
ورغم أن هذه عادة مصرية أصيلة إلا أن غياب السكر في الأسواق أو قتله تركت آثارها على شهامة المصريين فأصبحوا يوزعون التمر هندي بلا سكر
** أهلا رمضان!
وتجسد هذه الحقيقة طوابير طويلة من المواطنين ممتدة وزحام شديد أمام المجمعات الاستهلاكية وفى معارض "أهلا رمضان" فى انتظار الحصول على كيس سكر، وانتشرت هذه الطوابير مؤخرا فى الشارع المصرى إثر اختفاء السكر الحر من الأسواق، فغالبية المحلات لا يوجد بها سكر حر وإن وجد فى محل ما يتخطى سعر الكيس أقل من كيلو 55 جنيها.
** التموين .. لا تري .. لاتسمع .. لا تتكلم!
وأمام هذه الأزمة، صمتت وزارة التموين عن الإفصاح عن سر الاختفاء الرهيب لسلعة رئيسية وحيوية للبيت المصري وكل السلاسل والمحلات التجارية، ليجد المواطن نفسه حائرا باحثا عن أى كيس سكر "هدية من السماء" .. ويتصارع المستهلكون والتجار علي تخزين أى كميات متوفرة تحسبا لنفاد الذهب الأبيض واستقراره بأضعاف ثمنه فى السوق السوداء!
** طلب إحاطة!
ومنذ أيام تقدّم النائب خالد أبو نحول عضو مجلس النواب بطلب إحاطة إلى المستشار حنفي جبالي رئيس مجلس النواب، موجه إلى رئيس مجلس الوزراء ووزيري الزراعة والتموين، بشأن اختفاء السكر من المحال التجارية وعودة أزمة طوابير السكر في المجمعات، وطالب وزير التموين بضرورة ضخ كميات سكر طبيعية مثل ما قبل 2023، وناشد المسئولين بإنهاء تلك الأزمة في أقرب وقت وقبل حلول شهر رمضان.
** 60 جنيها للكيلو!
وأكد أصحاب المحلات أنه لا يوجد سكر حر فى الأسواق وإن وجد يكون الكيس أقل من كيلوجرام ويُباع بسعر 60 جنيها، واتهموا غياب الرقابة الحكومية بالمسؤولية الكبري عن اختفاء السكر وتفاقم الأزمة بشكل أكبر.
** حاميها حراميها!
وكشف أحد التجار أن سكر التموين متاح حاليا لكن يتم سرقته من جانب مسؤلين كبار فى الوزارة وليس بائعى التموين، وقال :"من المفترض أن يكون للفرد 2 كيلو سكر كيلو تموين بسعر 12.75 جنيها وكيلو سكر حر بسعر 27 جنيها".
وأضاف أن "ما يحدث أنهم يقولون للمواطنين إنه لا يوجد سكر حر فى التموين ويقسمون على ذلك، فى حين أنهم يحتفظون بالسكر إلى المخازن ثم يتم إعادة تعبئته مرة ثانية فى أكياس أخرى وباسم شركة مختلفة على أن يزن الكيس 900 جرام فقط" .. ورغم ما يفضحه هذا البائع البسيط وغيره كثيرون، لا يتوقف العطاء فى الشارع المصري - سواء من مسلم أو أخ مسيحي - وقت الإفطار من إطعام و"كسر صيام" المسلمين على دقة ساعة المغرب .. ولو بلا سكر!!