كتبت-فاطمة محمود
تداولت مواقع التواصل الاجتماعي فيديو لطفل فلسطيني يقف بجانب أمه ويساندها ويواسيها بعد موت أخيه الأكبر، وظهر الطفل في الفيديو وهو يقول لوالدته "أمانة يما خلص ما تعيطي"!!
وتظل فلسطين شامخة بأبنائها وحتي الطفل الفلسطيني لم يخف من إجرام آلة الحرب الصهيونية التي تنزل عليهم كالصاعقة، اعتادوا الأمر وبدأوا يواسوا أهلهم رغم دموعهم وهذا هو حال فلسطين وأهلها.
ولا يوجد أطفال في العالم يعانون كما هم في فلسطين، خصوصا في قطاع غزة والضفة الغربية، فكل الحروب -بما فيها أوسعها نطاقا وأشدها فتكا كالحربين العالميتين- لها زمن محدد حتى لو استغرقت سنوات، ثم تضع أوزارها، فتعطي الناس فرصة لالتقاط الأنفاس وتضميد الجراح واستعادة الحياة الغاربة والاستعاضة عن الحكايات المؤلمة التي صنعتها الحروب بأخرى فيها من اللذة والطرافة والتسلية ما يعيد إلى النفوس التسرية والبهجة في ظل السكينة والسلام.
أما الحرب على أرض فلسطين فلم تتوقف، تشتد وتستعر ثم تتراجع، لكنها لا تخمد أبدا، إلى أن تشتعل من جديد.
على مدار قرن لم يمر يوم إلا وأطفال فلسطين على موعد مع معاناة، أقلها هو هدم البيوت أو سلبها واقتلاع الزروع والتخويف أو الترهيب ومنع المرور أو المحاصرة، لتأتي بعدها الإصابات الجسدية البالغة والقتل لأفراد أو جماعات، حتى أنه في بعض الحالات قد يفقد طفل كل أسرته في اعتداء من قبل مستوطنين أو جنود إسرائيليين، ليجد نفسه وحيدا في وجه دنيا بالغة القسوة حين يتنكر أهلها لحقه في العيش الهادئ الهانئ الكريم أو حتى المناسب لحياة بسيطة آمنة.
وتتكرر الاضطرابات والأمراض والتشوهات النفسية التي تصيب الأطفال في زمن الحروب، من الفزع الليلي إلى الهلاوس والوساوس القاهرة، ويصاب كثيرون منهم بالتبول اللاإرادي، وقد تنتاب بعضهم نوبات من الاكتئاب حين يتذكر المشاهد الأليمة التي وقعت عليها عيناه، كأن يُقتل أهله أمامه أو يصابون إصابات بالغة أو يتهدم بيتهم وتبعثر محتوياته، وبعضهم يفقد النطق من فرط الرعب والحيرة، ويزيد كل هذا إن فقدوا البيوت وسيقوا إلى ملاذات تجهز للمشردين، بيوتا بديلة كانت أو خياما، أو حتى البقاء في العراء.