رئيس مجلس الادارة: نجلاء كمال
رئيس التحرير: محمد أبوزيد
advertisment

الاختفاء القسري للبلوش يشعل النار تحت الرماد في باكستان

المصير

الجمعة, 29 ديسمبر, 2023

03:41 م

عقود من المعاناة والاضطهاد بدأت بالاحتلال البريطاني لإقليم بلوشستان عام ١٨٣٩، وانتهت بتمزق الإقليم زالشعب البلوشي تحت حكم ثلاث دول هي باكستان وإيران وأفغانستان، طمعا من كابول وطهران وإسلام أباد في ثروات الإقليم.
ورغم الهدوء النسبي لقومية البلوش في باكستان عقب الاتفاق الذي جرى بعد تقسيم الهند وقيام دولة باكستان، حيث أقنعت إسلام أباد قادة بلوشستان بأن تتحكم باكستان بالأمور الخارجية والدفاع والعملة مقابل أن يحكم البلوش منطقتهم بأنفسهم دون تدخل من باكستان، إلا أن الأوضاع لم تكف عن التأزم من وقت لآخر، وآخرها المظاهرات الحالية على خلفية الاختفاء القسري لكثير من الشعب البلوشي.

وقال مسؤولون ونشطاء إن الشرطة في إسلام آباد اعتقلت مئات النساء والأطفال، وأطلقت الغاز المُسيل للدموع لتفريق مظاهرة بقيادة النساء احتجاجاً على عمليات الاختفاء القسري وحالات قتل خارج نطاق القضاء في جنوب غربي باكستان المضطرب.
ويأتي هذا الاحتجاج في وقت دعت مسيرة طويلة للجنة التضامن البلوشي بقيادة ماه رانغ بلوش، البالغة من العمر 30 سنة، إلى إجراء تحقيق قضائي في حادثة بالاش بخش، وهو شاب بلوشي يبلغ من العمر 24 عاماً قتل في مواجهة مزعومة مع الشرطة في منطقة توربت في بلوشستان في 23 نوفمبر )الماضي، لكن أجهزة الأمن تنفي تورطها في العملية.
وطالبت ماه رانغ بلوش التي تقود مسيرة لجنة التضامن البلوشية في العاصمة الباكستانية إسلام أباد لجنة العمل التابعة للأمم المتحدة بالنظر، بشكل محايد، في انتهاكات حقوق الإنسان في إقليم بلوشستان.
وقالت ماه رانغ، إن الغرض من هذه المسيرة فضح قمع الدولة لمنع المشاركين في حركة سلمية، وتابعت "لم يأت أي مسؤول إلى هنا لحل المشكلة خلال الأيام الـ30 الماضية، بل إن هناك تصريحات من قبل المسؤولين بأننا إرهابيون وهذا يكشف أن الدولة ليست جادة حيال قضايانا".
وكانت الحكومة قد منعت المتظاهرين من الوصول إلى نادي الصحافة الوطني وفرّقت شرطة إسلام أباد المتظاهرين كما أسقطت خيامهم واعتقلت أشخاصاً عدة.
وقال الناشط بيردان بالوش إن المظاهرات الجديدة بدأت في السادس من ديسمبر، عقب مقتل شاب في مدينة توربات ببلوشستان على يد شرطة مكافحة الإرهاب، قبل أسابيع.
وقطع المتظاهرون مسافة ألفيْ كيلومتر على الأقل من توربات إلى إسلام آباد، حيث قاموا بمَسيرات في كل المدن الكبرى في الطريق.
وقد فُقد الآلاف من الرجال، أو جرى إلقاء أجسادهم المشوَّهة في أجزاء شتى من بلوشستان التي تعاني منذ عقود تمرداً انفصالياً.
وتم منع المتظاهرين من دخول المنطقة الحمراء، التي تضم مقر الحكومة والسلطات القضائية والتشريعية في إسلام آباد، من قبل ضباط الشرطة الذين كانوا يحملون الهراوات ويرتدون الخوذ.
وتُظهر مقاطع الفيديو المنشورة على وسائل التواصل الاجتماعي مشاهد فوضوية للضباط وهم يجمعون المتظاهرين في سيارات الشرطة.
وتم اعتقال ما لا يقل عن 200 شخص، بمن فيهم زعيمة الاحتجاج ماه رانغ بلوش، عند دخولهم العاصمة الباكستانية.
ويُلقي النشطاء والأُسر اللوم في عمليات القتل والاختفاء على كل من جهات الاستخبارات والجيش النافذين في باكستان.
وأدانت منظمات حقوق الإنسان العالمية والوطنية، بما في ذلك هيومان رايتس ووتش، والعفو الدولية، استخدام القوة ضد المتظاهرين السلميين.
ويعود تاريخ حالات الاخفاء القسري في بلوشستان أكبر إقليم في باكستان، إلى ولادة الحركة القومية في بلوشستان في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.
ويطالب المتظاهرون بوضع حد لحالات الاختفاء القسري والقتل خارج نطاق القضاء، فضلا عن محاسبة المتورطين في عمليات القتل خارج القانون المزعومة للشباب البلوش.
وقال رئيس الوزراء الباكستاني المؤقت أنوار الحق كاكر، في بيان، إن عدد المختفين قسراً في الدولة يبلغ 52 شخصاً، لكن زعيم حزب البلوش الوطني ورئيس وزراء بلوشستان السابق أختر مينغل يقول إن هذه الأعداد تصل إلى الآلاف.
وذكرت إحدى منظّمات الاعتصام سايرة بلوش لـ"اندبندنت أوردو" أنه تم إنشاء مخيم للمعتصمين في هذا الموقع منذ 25 يوماً، ويزيد عدد المنضمين إلينا كل يوم.
وأضافت "جميع هؤلاء الأشخاص لم يأتوا إلى إسلام أباد لأن رئيس الوزراء يتواجد هنا، نحن نعلم أنه لن يحل مشكلتنا، نريد أن نخبر العالم عن حركتنا".
من جانبه قال وزير الإعلام والإذاعة الموقت مرتضى سولانجي خلال حديثه مع الصحافيين عن تظاهرة الشعب البلوشي "نحاول التعامل مع الوضع وما حدث لم يكن ساراً، موضحا أن مطالب المتظاهرين ليست جديدة، وليست لها صلة بحكومة تصريف الأعمال الحالية بل تعود إلى عقود من الزمن، لكننا سنتعامل مع الوضع على كل حال لأننا المسؤولون اليوم".
والجدير بالذكر أن إقليم بلوشستان، هي إحدى أقاليم باكستان الأربعة، وتعد أكبر أقاليمها من حيث المساحة، وعاصمة الإقليم هي مدينة كويته وتعد أكبر مدنها.
ويحتوي الإقليم على معظم أراضي منطقة بلوشستان التاريخية، ويرجع مسمى المنطقة إلى قومية البلوش، ولا يعترف سكان بلوشستان بأنهم جزء من جمهورية باكستان، حيث أن باكستان بعد أن انقسمت عن الهند بدأت تحاول السيطرة على أراضي بلوشستان، نظرا لموقعها الجغرافي الهام الذي يطل على الخليج العربي وخليج عمان، كما أنه يطل على مضيق هرمز الذي استطاع شاه إيران سلبه واقتطاف هذا الجزء من الأرض ليضمه إلى إيران.