كتب - أحمد عبادي
لم يعد لدى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من كل أدوات الحرب والتسليح التي تمتلكها إسرائيل من طائرات ودبابات وصواريخ، ما يمكنه من تحقيق أي انتصار على المقاومة الباسلة في غزة، فعمد إلى اللجوء إلى سلاح التصريحات العنترية، والخطب الجوفاء التي يغازل بها الداخل الإسرائيلي ليوهمه بقوة موقف جيش الاحتلال على الأرض بحثا عن نصر زائف بأفعال هتلرية ومجازر تخطت محارق النازية، استهدف فيها دماء الأطفال والنساء والعجائز.
"الحرب في غزة ستستمر وقتا طويلا ونهايتها ليست وشيكة"، تصريح بثته قناة الجزيرة اليوم نقلا عن نتنياهو، تصريح مضحك بنفس قدر غرابته، حيث يبدو فيه نتنياهو مستعيرا ميكروفون "محمد سعيد الصحاف" وزير إعلام العراق خلال الغزو الأمريكي لها، حين صور لنا الصحاف بتصريحاته وضعا مغايرا تخيلنا فيه الجيش العراقي منتصرا لنفاجئ بين ليلة وضحاها بسقوط بغداد وهروب القادة، وهو نفس ما يفعله نتنياهو الآن حيث تمنحك تصريحاته تصورا بأنه يمسك بزمام الأمور وأن المعارك في غزة تحت السيطرة، بينما تشير الوقائع على الأرض إلى هزيمة مذلة وانكسار واضح للجيش الإسرائيلي عتادا وأفرادا أمام بسالة فصائل المقاومة وعلى رأسها حركة حماس.
وقد أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي اليوم أنه توجه إلى قطاع غزة الإثنين، مؤكدا "تكثيف" القتال ضد حركة حماس.
ونفى نتنياهو في اجتماع كتلة الليكود في البرلمان الإسرائيلي، ما وصفها بـ"تكهنات إعلامية خاطئة"، بأن حكومته قد تدعو إلى وقف القتال ضد حركة حماس.
ومن الغريب أن تلك التكهنات الإعلامية التي وصفها بالخاطئة هي محصلة تسريبات صادرة عن الدوائر القريبة منه، والتي كشفت عن استجداءه وساطة مصر وقطر لإتمام صفقة تبادل أسرى أخرى وهدنة جديدة يواجه بها عاصفة الانتقادات الداخلية التي يواجهها، حيث قالت وسائل الإعلام العبرية، اليوم الإثنين، إنه ابتداءً من شهر فبراير القادم ستنتقل محاكمة رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى أربع جلسات استماع في الأسبوع.
وقد بات وجود رئيس وزراء دولة الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في السلطة، عبئاً على الجميع باختلاف مصالحهم، سواء على إدارة بايدن الداعمة له والتي تشير الكثير من المؤشرات إلى أن دعمها الصلب له يقلص من فرصها في الفوز بفترة رئاسية ثانية، وأيضا وبطبيعة الحال على الفلسطينيين، الذين تزداد معاناتهم في كل بقاع فلسطين المحتلة، بسبب السياسات النازية التي ينتهجها ضدهم؛ سعيا لصورة انتصار أمام شعبه تُجنبه المحاسبة.
كما أن وجوده في السلطة يمثل عبئاً آخر على شعبه، فهو بحسب ما أوردت صحيفة هآرتس الإسرائيلية اليوم في افتتاحيتها، التي عنونتها بـ"الآن حان الوقت لخلع نتنياهو"، المسئول الأكبر عن الإخفاقات الأمنية والدبلوماسية والاجتماعية التي أدت إلى السابع من أكتوبر، ومن ثم اندلاع الحرب التي مازالت إخفاقاته تتوالى فيها أمام ضربات المقاومة، التي كلفت الجيش الإسرائيلي مقتل 15 جنديا إسرائيليا في مطلع هذا الأسبوع.
وقد اجتمعت آراء المراقبين على أن الرغبة في النجاة من المحاكمة أهم ما يدفع بينامين نتنياهو الآن لإطالة الحرب، فهو يحاول التسويق إلى وصوله لنصر حتى لو لم يحقق أي انتصارات ويخدع المجتمع الإسرائيلي بذلك، ولعل ذلك ما يفسر مساعيه البائسة تحت الطاولة لعقد صفقة جديدة للهدنة ودفع زوجته سارة نتنياهو لمناشدة بابا الفاتيكان لتقديم المساعدة في إطلاق سراح الأسرى، في الوقت الذي مازال يصرح فيه بعجرفة أن العمليات العسكرية ستستمر حتى استعادة كافة الأسرى، ولعله يكون صادقا فقط في رغبته باستعادة جثثهم بعد قتلهم على يد جيش الاحتلال.
ومن بين تصريحات عنترية جوفاء وأفعال همجية هتلرية ومجازر ومذابح بشعة يرتكبها نتنياهو في غزة، تتبين حقيقة الأزمة التي يعيشها رئيس وزراء الكيان الصهيوني، والتي دفعته لهذا التناقض، متمثلة في اتهامات وزير الاقتصاد الإسرائيلي نير بركات، وهو عضو في حزب الليكود، لنتنياهو خلال جلسة الحكومة حول السياسات العسكرية في قطاع غزة، بأنه "يرسل الجنود مثل البط إلى المباني ويتم اصطيادهم بسهولة بتفخيخ أو باستهداف هذه المباني من قبل عناصر حماس".