مع استمرار التوترات في الشرق الأوسط، يواجه الرئيس الأميركي المنتخب سابقاً دونالد ترامب تحديات كبرى، لا سيما في قضايا غزة ولبنان وإيران، وهي ملفات تشهد تصعيداً مستمراً وتتطلب حلولاً جريئة واستراتيجيات متجددة. وباعتباره داعماً قوياً لإسرائيل ومتبنياً لتوجهات متشددة تجاه إيران خلال ولايته الأولى، يثير احتمال عودة ترامب للبيت الأبيض تساؤلات حول كيفية تعامله مع هذه القضايا الحساسة.
الدعم المطلق لإسرائيل: دعم سياسي وعسكري مستمر
تاريخياً، أبدى ترامب دعماً قوياً لإسرائيل، إذ اتخذ خلال ولايته الأولى قرارات حاسمة مثل نقل السفارة الأميركية إلى القدس. وفي حال عودته للرئاسة، يُتوقع أن يستمر في دعم إسرائيل، خاصةً في ظل التصعيد في غزة. قد يسعى ترامب إلى إنهاء النزاع بسرعة لتجنب الخسائر البشرية والسياسية، إذ وجه سابقاً انتقادات لإسرائيل لحسم "المهمة" سريعاً، ما يعكس توجهه لتحقيق "استقرار سريع" دون تقديم تنازلات سياسية للفلسطينيين.
الملف اللبناني: السعي لاستقرار حقيقي
يبدو أن ترامب قد تبنى موقفاً أكثر توازناً فيما يخص لبنان، حيث دعا إلى "إنهاء الصراع الإسرائيلي-اللبناني" وأعرب عن اهتمامه بتحقيق استقرار مستدام في لبنان. وفي تغريدة له، أكد ترامب أنه سيعمل على تحقيق سلام دائم في المنطقة "بشكل صحيح" لتجنب التصعيد الدوري. كما تحدث عن "شراكة متساوية" بين المجتمعات اللبنانية، مما يبعث برسالة طمأنة إلى اللبنانيين، إلا أن ترامب لم يقدم تفاصيل واضحة حول كيفية تحقيق هذا الاستقرار، مما يترك تساؤلات حول آليات تطبيقه.
السياسة تجاه حزب الله: استراتيجيات الضغط والعقوبات
من المتوقع أن يبقى ترامب على موقفه المتشدد تجاه حزب الله، الذي يعتبره تهديداً مباشراً لإسرائيل. يُرجح أن يستمر في فرض عقوبات مشددة على الحزب وفرض سياسات تهدف إلى الحد من نفوذه في لبنان، مع تركيز على تقليص الدعم المالي الذي يحصل عليه من إيران.
العودة إلى الضغط الأقصى على إيران: رؤية صارمة لمستقبل الاتفاق النووي
خلال حملته الانتخابية، أشار ترامب إلى نيته إعادة سياسة "الضغط الأقصى" على إيران، وهي الاستراتيجية التي انتهجها في رئاسته الأولى، بما في ذلك الانسحاب من الاتفاق النووي لعام 2015. ووفقاً لمستشاريه، فقد ساهمت هذه السياسة في تقييد النفوذ الإقليمي لإيران وتضييق قدراتها الاقتصادية على دعم الجماعات المسلحة في المنطقة.
ومع ذلك، قد تواجه هذه السياسة تحديات إذا لم يقترن الضغط بتوجه للتفاوض أو أهداف واضحة. إذ قد يؤدي التوجه المتشدد إلى زيادة التوتر في المنطقة إذا لم تكن هناك خطوات دبلوماسية تكميلية، بينما قد تتضمن استراتيجيات ترامب فرض المزيد من العقوبات وتقديم دعم أكبر للمعارضة الإيرانية، مع تقليل احتمالات الدخول في مفاوضات مباشرة.
التوقعات المستقبلية: استمرار الدعم لإسرائيل والتشدد مع إيران
يبدو أن ترامب سيواصل دعمه القوي لإسرائيل، إذ يرى العلاقة الأميركية-الإسرائيلية عنصراً رئيسياً في سياسته الإقليمية. كما يُتوقع أن يسعى لتعزيز التعاون العسكري والاستخباراتي مع إسرائيل، بما في ذلك دعم العمليات العسكرية ضد الجماعات المسلحة في غزة ولبنان.
وفيما يتعلق بإيران، من المرجح أن تستمر إدارته في فرض عقوبات اقتصادية مشددة تهدف إلى تقليل تأثيرها الإقليمي، ما يعكس استمرارية سياسة الضغط.
الحاجة إلى استراتيجيات دبلوماسية لتحقيق استقرار حقيقي
في ظل الأزمات المتفاقمة في غزة ولبنان، إلى جانب التوترات المستمرة مع إيران، يحتاج ترامب إلى استراتيجية دبلوماسية فعالة تتجاوز العقوبات والحلول العسكرية لتحقيق استقرار طويل الأمد. وقد تكون قرارات ترامب القادمة حاسمة في تشكيل مستقبل الأمن الإقليمي، إذ تتطلب المنطقة جهوداً دبلوماسية متوازنة لتحسين الاستقرار وسط صراعات متجددة.