تتقدم الأبحاث في مجال الخلايا الجذعية بسرعة، حيث ظهرت تقنية جديدة تتيح تنمية "أدمغة صغيرة" داخل المختبر. تعتمد هذه الطريقة على تحويل الخلايا الجذعية إلى أنسجة عصبية مصغرة، تُعرف بالأورجانويد العصبي، التي تحاكي بشكلٍ كبير وظائف الدماغ البشري. وقد أثارت هذه التقنية آمالاً كبيرة في إمكانية استخدامها لفهم وعلاج اضطرابات مثل التوحد.
التوحد هو اضطراب عصبي يؤثر على التفاعل الاجتماعي والتواصل والسلوك، ويعتقد العلماء أن الأسباب الجينية تلعب دورًا كبيرًا في حدوثه. باستخدام الأدمغة الصغيرة، يستطيع الباحثون دراسة التغيرات الجزيئية والخلوية المرتبطة بالتوحد، وذلك بتوفير نموذج حي يحاكي ظروف نمو الدماغ الطبيعي والمتغيرات المؤثرة عليه.
وقد أثبتت هذه التقنية قدرتها على محاكاة الأعراض التي تظهر لدى الأشخاص المصابين بالتوحد، ما يتيح للعلماء فرصة مراقبة تطور الخلايا العصبية واستجابتها للعلاجات المحتملة. يمكن أيضًا تعديل الأدمغة الصغيرة جينيًا لتمثيل الحالات الجينية المعروفة للتوحد، مما يساعد في تطوير أدوية موجهة لعلاج هذه التغيرات الدقيقة.
ومع أن استخدام هذه التقنية واعد، إلا أن التحديات الأخلاقية والمخاوف المحيطة بإنشاء أدمغة بشرية مصغرة تظل محل جدل. حيث يتساءل البعض عن الحدود الأخلاقية لاستخدام الخلايا الجذعية في تطوير هذه النماذج العصبية، خاصةً مع إمكانية تطورها إلى مستويات متقدمة من الوعي.
في نهاية المطاف، تظل الأبحاث على الأدمغة الصغيرة خيارًا مبشرًا لتقديم علاجات جديدة للتوحد، وقد يُفتح الباب أمام فهم أعمق لآليات الدماغ المعقدة، وتقديم حلول علاجية مستهدفة قد تُحدث ثورة في مجال الأمراض العصبية.