يُعد يوم معركة السويس يومًا تاريخيًا لمصر، حيث نجحت المدينة في صد الهجوم الإسرائيلي الذي حاول اقتحامها. خصصت القوات الإسرائيلية لواءً مدرعًا وكتيبة من المظليين لمهاجمة مدينة السويس، التي كانت تفتقر في ذلك الوقت إلى القوات العسكرية التقليدية، حيث لم يكن بها سوى ممثلي الوحدة الإدارية وأفراد المقاومة الشعبية. وعلى الفور، أمر العميد يوسف عفيفي، قائد الفرقة 19 مشاة المتمركزة شرق القناة، بدعم المدينة بعناصر من الصواريخ المضادة للدبابات، تحت قيادة الرائد علي رضا والرائد علاء درويش.
تعود أحداث تلك المعركة إلى قرار إسرائيل اقتحام مدينة السويس بهدف إحداث ضجة إعلامية كبرى تحقق لها النصر في حرب أكتوبر 1973، معتقدةً أن المهمة ستكون سهلة. ولتنفيذ هذه المهمة، خصصت إسرائيل لواءً مدرعًا وكتيبة من المظليين من ذوي الكفاءة القتالية العالية. بينما كانت القوات المصرية في المدينة تتألف أساسًا من عناصر إدارية تابعة للجيش الثاني الميداني المتمركز شرق القناة. في مواجهة التحركات الإسرائيلية، قرر العميد يوسف عفيفي دعم قوات المدينة بعناصر من الصواريخ المضادة للدبابات وعناصر من مجموعات قنص الدبابات، بقيادة الرائد علي رضا والرائد علاء درويش.
بدأت المعركة في الثانية من صباح يوم 24 أكتوبر 1973، حين أصدر الجنرال جونيه، قائد الفرقة المدرعة الإسرائيلية، أوامره للكولونيل أرييه كيرين، قائد اللواء المدرع، وقائد كتيبة المظليين يوسي يوفي، بضرورة اقتحام مدينة السويس قبل وصول مراقبي الأمم المتحدة لتطبيق قرار وقف إطلاق النار. ولما علم العميد أركان حرب يوسف عفيفي باقتراب العناصر الإسرائيلية من المدينة، وجه الرائد علي رضا ومجموعته بالتحرك من شرق القناة لدخول السويس.
مع أول ضوء، تقدمت الوحدات الإسرائيلية نحو حي الأربعين، فتصدت لها مجموعة الصواريخ الموجهة المضادة للدبابات وعناصر المقاومة الشعبية بإطلاق النيران. كان أول عناصر المقاومة محمود عواد، الذي أطلق قذائف الـ RPG ضد الدبابات المتقدمة، ومعه زملاؤه إبراهيم سليمان ومحمد سرحان، من موقعهم بجوار سينما رويال. أصيبت الدبابات والعربات المدرعة الإسرائيلية، واندلعت فيها النيران وسط ذهول القوات الإسرائيلية، التي قفز جنودها من الدبابات محاولين الاختباء في المباني المجاورة، لتواجههم نيران المقاومة الشعبية ورجال الجيش الثالث الميداني.
في مواجهة هذا المشهد، تراجع عناصر المظليين الإسرائيليين وحاولوا الاحتماء داخل قسم الأربعين، حيث حاصرهم رجال المقاومة واندلعت الاشتباكات بين الجانبين. مع حلول الظلام، أصدر الجنرال أدان أوامره للقوات الإسرائيلية بالانسحاب من مداخل المدينة، وهو ما تم في فجر يوم 25 أكتوبر، بعدما تكبدت القوات الإسرائيلية 80 قتيلاً و120 جريحًا. أعادت إسرائيل الكرة مرة أخرى، لكن النتيجة كانت نفس ويلات الهجوم الأول، بل بزيادة في عدد الخسائر.
بعد سريان قرار وقف إطلاق النار، حضرت جولدا مائير والتقطت صورًا لها عند مدخل مدينة السويس، محاولةً الزعم بأن إسرائيل استولت على المدينة، رغم أن هياكل الدبابات الإسرائيلية المحترقة كانت شاهدة على عظمة الشعب المصري المقاتل، الذي حطم أسطورة الجيش الذي لا يقهر.
خلد التاريخ هذه المعركة وسجل بطولة رجال المقاومة الشعبية من أبناء السويس، بقيادة الشيخ حافظ سلامة، الذي كان له دور عظيم في رفع الروح المعنوية لأهالي المدينة. دافع أبناء السويس عن مدينتهم بأسلحة بسيطة، ومعهم رجال القوات المسلحة من الجيش الثالث الميداني، فألحقوا بالعدو الإسرائيلي خسائر فادحة.
وبالعودة إلى مراجع التكتيك العسكري، نجد أن المعارك تصنف إلى معارك الصحراء، والمناطق الجبلية، والغابات، والمدن. وتُعرف معارك المدن بأنها "مقابر الجيوش"، وفقًا لآخر تحديث في قانون قتال الجيش البريطاني "Land Operation Part 2"، الذي يعتبر الهجوم على المدن من العمليات العسكرية الأكثر تعقيدًا. استدل هذا المرجع بمعركة السويس عام 1973، التي تُعد نموذجًا لحرب حديثة استخدم فيها المهاجم الإسرائيلي أحدث الأسلحة والمعدات، لكنه فشل وتكبد خسائر جسيمة، رغم أن القوات المهاجمة كانت من نخبة الجيش الإسرائيلي.
وأضاف المرجع البريطاني أن إصرار القوات المصرية والمقاومة الشعبية على الدفاع عن أرضهم كان العامل الحاسم الذي جعل المعركة شديدة الضراوة، وهو أمر يجب أن يضعه أي مخطط عسكري في الاعتبار عند التخطيط لعمليات هجومية في المدن.
فرضت ذكرى معركة السويس استدعاء بعض المشاهد من الحرب الروسية الأوكرانية، التي نجحت خلالها القوات الروسية في ضم 20% من الأراضي الأوكرانية. لكن على عكس ذلك، نجح مقاتلو السويس الشجعان في الدفاع عن مدينتهم وصد قوات الاحتلال الإسرائيلي، ليظل اسم السويس مرفوعًا عاليًا كما فعل أبناء بورسعيد في حرب 1956.