في تقرير نشرته قناة العربية قبل أيام، ذُكر أن مصر مطالبة بتسديد 39 مليار دولار بحلول يونيو 2025، كمستحقات ديون وفوائد لصندوق النقد الدولي.
هذا الرقم الكبير أثار تساؤلات حول قدرة الحكومة المصرية على تدبير هذا المبلغ الضخم في مثل هذه الفترة القصيرة، ما دفع فريق موقع "المصير" إلى التحقيق في صحة هذا الرقم الذي يثير القلق.
وبعد استقصاء مفصل، تبين أن الرقم الذي ذكرته قناة العربية غير دقيق.
التحقق من الرقم المثير للجدل
عند مراجعة التفاصيل الدقيقة لمستحقات مصر خلال الفترة المقبلة، تبيّن أن الرقم مبالغ فيه إلى حد كبير، فالمديونية الخارجية لمصر تتوزع على عدة استحقاقات، ولا تقتصر على صندوق النقد الدولي وحده.
كما أن هناك مبالغ ستستحق السداد على فترات أطول مما ذكر في التقرير.
وفي هذا السياق أكد الدكتور هاني توفيق، الخبير الاقتصادي المعروف، أكد لموقع "المصير" أن الرقم الذي نشرته قناة العربية غير دقيق، مشيراً إلى أن قناة العربية لم تقدم أي مصدر محدد لهذا الرقم.
وأشار توفيق إلى أنه تواصل مع المسؤولين في العربية للاستفسار عن مصدر الرقم، إلا أن الرد كان: "لا نعرف".
بيع جزر وأصول
رغم أن الرقم مبالغ فيه، إلا أن توفيق أشار إلى أن الحكومة المصرية تعتمد على عدة مصادر لتدبير الأموال المطلوبة، أبرزها بيع الأصول والجزر على غرار رأس الحكمة ، وطرح السندات الحكومية في الأسواق الدولية تحويل الودائع الدولارية للدول العربية لجنيه مصري هذا الحل وإن كان يساعد في توفير السيولة على المدى القصير، إلا أنه ليس كافياً لحل جذور المشكلة الاقتصادية التي تواجه البلاد.
بدوره، قال الدكتور محمد عبد العال، الخبير الاقتصادي، في تصريح خاص لموقع "المصير"، إن الاعتماد المتزايد على بيع الأصول والشركات والبنوك يمثل مساراً غير صحي للاقتصاد المصري.
وأعرب عن مخاوفه من أن الأجيال القادمة قد تجد نفسها في وضع لا تمتلك فيه أصولًا كافية، بينما تتحمل عبء ديون مرتفعة.
وأضاف عبد العال قائلاً: "للأسف، لا يوجد اهتمام حقيقي بالتركيز على الحلول المستدامة. هل فكرنا في تحسين الإنتاج؟ هل نعمل على تسهيل إقامة المشاريع للمستثمرين؟ الحل لا يكمن فقط في الاقتراض أو بيع الأصول، بل في تعزيز الإنتاجية والقضاء على البيروقراطية التي تعيق التنمية الاقتصادية".
وشدد عبدالعال على ضرورة وضع استراتيجية واضحة تركز على التعليم وتطوير المهارات البشرية، قائلاً: "علينا الاهتمام بالتعليم الذي يُطور حياتنا، والعمل على القضاء على الروتين الذي يعيق المستثمرين.
الحل العملي الأمثل هو في تعزيز الإنتاج والتعليم والصحة، وليس فقط في تسديد الديون بأي ثمن".
في النهاية، يتضح أن الرقم الذي نشرته قناة العربية غير دقيق، وأن مصر ليست مطالبة بتسديد 39 مليار دولار في غضون الشهور السبعة المقبلة. ومع ذلك، فإن التحديات المالية التي تواجهها البلاد لا تزال قائمة، والحلول الحالية، مثل بيع الأصول وطرح السندات، قد تكون مؤقتة لكنها ليست كافية لمواجهة المشكلات الاقتصادية العميقة.
الخبراء يؤكدون أن الحل الحقيقي يكمن في تعزيز الإنتاج والقضاء على البيروقراطية ودعم التعليم والتنمية البشرية.