رئيس مجلس الادارة: نجلاء كمال
رئيس التحرير: محمد أبوزيد
advertisment

الدكتورة سحر الحسيني تكتب كيف لمشاعر حولت صانع " رق الحبيب" لعواد

المصير

الإثنين, 14 أكتوبر, 2024

06:27 م

كان أستاذا لعبد الوهاب وفريد الأطرش والسنباطي، كيف له أن يتحول لعواد يكفيه تواجده في دائرة أسطورة الحلم يتنفس ذات الهواء ويستشعر القرب؟
مالذي حوله من متفرد وأستاذ.
لحبة في عقد طويل متشابه؟
"محمد القصبجي" الموسيقار الكبير الذي نراه مكتفيا في أواخر ايامه بالجلوس على مقعده الخشبي وراء "الست" مجرد عازف؟
محتضنًا عوده لسنوات، وهو الموسيقار الكبير، الذي أثرى الموسيقى العربية بالعديد من الأعمال التى كانت سببًا في تطورها.
العملاق محمد القصبجي الذي لحَّن لنجوم الطرب في عصره، بدءًا من (منيرة المهدية) و(صالح عبد الحي) و(نجاة علي)، مرورًا بـ(ليلى مراد) و(أسمهان)، وانتهاء بـ(كوكب الشرق) أم كلثوم، التي عشق العزف على آلة العود في فرقتها  ليظل فقط بصحبتها، ولحَّن لها ما يقرب من 75 لحنًا، و عندما مات في نهاية الستينيات ظلت أم كلثوم محتفظة بمقعده خاليًا خلفها على المسرح.
 ترى هل كان تقديرًا لدوره ومشواره معها إم إحساسا خفيا بالندم والأسف؟؟
محمد القصبجي الملحن والموسيقار المصري، وُلد بالقاهرة في 15 أبريل عام 1892، وتوفي في 26 مارس عام 1966، تَخرج في مدرسة المعلمين، لكنه كان يهوى الفن منذ صغره.. ليصعد نجمه ويتألق. 
  قدم الموسيقار محمد القصبجي أعمالًا سابقة لعصره في الأسلوب والتكنيك، وأضاف للموسيقى الشرقية ألوانًا من الإيقاعات الجديدة والألحان سريعة الحركة والجمل اللحنية المنضبطة البعيدة عن الارتجال، والتي تتطلب عازفين مَهرة على دراية بأسرار العلوم الموسيقية، كما أضاف بعض الآلات الغربية إلى التخت الشرقي،فهو أول من أضاف صوت آلة التشيللو الرخيم والكونترباص للأغنية العربية. كل هذا أدى إلى ارتفاع مستوى الموسيقى والموسيقيين أيضًا، وبالإضافة إلى الأجواء الرومانسية الحالمة التي أجاد التحليق فيها، اكتسبت ألحان القصبجي شهرةً واسعةً وجمهورًا عريضًا، ويمكن القول بأنها حملت أم كلثوم إلى القمة.. حيث بدأت علاقته بها عام 1923 حين كانت تنشد قصائد في مدح الرسول عليه الصلاة والسلام، أُعجب الملحن بصوت الصاعدة، وقرر أن يبقى جوارها ويكون ملحنًا لها، وأسسَ لها أول "تخت شرقي" يصاحبها في حفلاتها، وكان ذلك تمهيدًا لانطلاقتها الكبرى بتلحينه لها أغنية "رق الحبيب". ومع صعود نجم الست، عانى "القصبجي" تجاهلًا منها  فبدأت تفضل ألحان رياض السنباطي ومحمد الموجي، فقرر القصبجي الانسحاب من حياتها كملحن، على أن يبقى جالسًا خلفها على كرسي خشبي حاملا في يده عوده عازفًا في فرقتها لآخِر دقات قلبه الذى عاش مغرما بها. وارتضى أن يحب في صمت.ولوعه مستمرئا  ذلك الذل وتلك المهانة.
ويبقي هناك دوما ذلك الشخص القادر على هدمك طواعية منك، وتحويلك لخيال مآتة بعد ان ملكته زمام قلبك.
عندما ألقت أم كلثوم على عاتق القصبجي فشل فيلمها "عايدة"، وأنه السبب في كارثة سقوط الفيلم بألحانه التي لم تَعُد صالحة.
لم يحاول القصبجي أن يرى إلابعينيها.ولايسمع إلا بأذنيها.
هانت عليه نفسه، فهان على من عشقها، وأفنى عمره لأجلها
أكثر من عشرين عامًا ترفض أم كلثوم ألحان القصبجي ذلك المجدد الملهم.
لم يقابل القصبحي ذلك بأي اعتراض أو غضب
بل استسلم لفكرة أن الدنيا بجوارها هي الجنة وفقط. وإنه بالفعل فشل لانها لقبته بالفاشل.
وانقلب القصبجي من أستاذ معلم، لعواد ينفذ ألحان تلاميذه.
وحتى عندما لحَّن بعض الألحان لأسمهان ونور الهدى وليلى مراد، لم تتركه أم كلثوم، بل ثارت ثائرتها
وكأن الحانه كانت حكرا عليها فقط.
تلك الأيقونة التي رسخت الحب في قلوب الجميع.. وصنعت أساطير عشق، فأحبها كل من شاركها في صناعة معزوفات الحب.
أحمد رامي، زكريا أحمد، القصبجي

ليبقى السؤال الخالد ...
كيف لنا ان نطلق اذن على  ذلك الشعور الذي يوقف نجاحا، ويسقط قدرا،  أنه حبا ؟
كيف لمشاعر -حولت صانع "رق الحبيب" لعواد يعزف لتلاميذه ألحانا  علمهم قبلا كيف ينسجوها-
  أن يطلق عليها زورا أنها عشقا؟