مع كل ذكرى تتجدد مظاهر الإحتفاء و الحب بمولده صلوات الله عليه وسلم إلا أن يظل المعنى غائبا والمغزى لم يتحقق ، لم يكن مجيئ الرسول من أجل تصحيح العقيدة والتوحيد فقط بل هز عروش السادة مقاوما للظلم ليسير على درب الشجرة الوارفة للرسل والأنبياء فهم خير من جسدوا "ثورة الإصلاح" .
و ثوراتهم الإصلاحية وقفت لها الأقوام بالمرصاد ليحافظوا على مكانتهم وثرواتهم ، وما وإن غابت شمس الرسُل إلا وعادوا كما كانوا.
و لم يكن وفاة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم إلا إيذانا ببدء المعركة من جديد ومقاومة كل المغزى والمعاني وإن احتفظوا برداء الرسالة والإسلام فلم تكن الدولة الأموية وما نجحت فيه من توسع إمبراطوري سوى خير دليل على حجم الردة لأن المُلك أغواهم و قاموا بثورة مضادة لمعاني الحرية والمساواة وأشعلوا نار الشعوبية والتفرقة.. ولم يخلعوا رداء الإسلام .
ولم تكن الدولة العباسية بقضائها على آخر الأمويين ونبشها في القبور بأفضل من الدولة الأموية ، وجاءت خارج السياق بل إستولت بالسيف كما إستولى الأمويين على الحكم بالسيف و إشعال الفتنة،و بدأت الدولة العباسية عصرها بنعت من قادها " السفاح" .. وبرداء الإسلام ايضا فلم تخلعه .
وبسقوط الدولة العباسية نهائيا وعدم التمسك بأية مظاهر اسمية للانتماء إليها وبتعاقب الدول وصولا للإمبراطورية العثمانية لم تختف مظاهر الظلم والاستيلاء على الثروات فغابت ثورات الإصلاح وتبقى الرداء فقط والشكل والإسم والاحتفال وغاب المغزى والمعنى والرسالة .
ولم يخرج كل من ينادي بمشروع سياسي من الإسلام سوى أنه يريد الاحتفاظ بالرداء فقط الرداء الذي يحقق مجد الملك بالحق الإلهي مثل ما إدعى سابقيه .
واليوم .. لم يكن من المصادفة على الإطلاق أن يكون أغلب الدول الإسلامية متخلفة وتابعة و في حالة إنهيار وتمزق والغلبة للأعداء ، وذلك لأنهم لم يحققوا المغزى والمعنى واكتفوا بالرداء فقط ، بالإضافة إنهم لا يطبقون قانون التغيير "إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ" هذا هو قانون التغيير.. الله لن يتدخل من أجل إصلاحكم ، و عليكم أن تقوموا بإصلاح أنفسكم، ومن ثم لن ينفعنا الاحتفاظ بالرداء فقط إن لم نقم بثورة الإصلاح التي جاء بها الأنبياء والرسل وغابت عنا .