رئيس مجلس الادارة: نجلاء كمال
رئيس التحرير: محمد أبوزيد
advertisment

سامح لاشين يكتب: البيادق الصغيرة على رقعة «الشطرنج» الكبرى

المصير

الأربعاء, 11 سبتمبر, 2024

02:05 م

بالتأكيد، يوجد اختلاف في الملفات الدولية الكبرى من حيث الرؤية والتوجه والسياسة بين "الحزب الديمقراطي" و"الحزب الجمهوري"، وكذلك في القضايا الداخلية التي تتعلق بمصالح المواطن الأمريكي. ويظهر ذلك جلياً في كل مناظرة بين المتنافسين على مقعد الرئاسة في الولايات المتحدة الأمريكية.


وما يعنيني في هذه اللحظة الراهنة هو ما يخص قضايا الشرق الأوسط. نجد أن "كاميلا هاريس" تؤكد على ضرورة حماية المدنيين الفلسطينيين، بينما يرى "ترامب" أن قتل الأطفال والنساء في غزة ضرورة ويجب الانتهاء منه. ورغم التباين، إلا أن الولايات المتحدة لا يمكن أن تتخلى عن مساندة إسرائيل، وتظل متفوقة في دعمها لها.


هذا يعكس لنا أن الاختلاف بينهما في تفاصيل السياسة وطريقة التنفيذ، ومع ذلك يجتمعان على الانحياز لإسرائيل. 


ومن ثم، ما نغرق فيه هو محاولة الاستفادة من الأقل ضرراً علينا، وفي كل الأحوال نبقى تابعين في فلك سياسة القوى العظمى، ننتظر من يأتي لنا في البيت الأبيض، ويسمح لنا بالزيارة ولا يضغط علينا في ملفات تُستخدم كأوراق ضغط على الأنظمة الهشة. 

تُستخدم هذه الملفات ليس من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في عالمنا العربي، بل كأدوات ابتزاز لتمرير المصالح وضمان بقاء الأنظمة الخائفة على عروشها.

ومع الأسف، هناك من يتصور زيفاً أنه يمكن بصعود "سيد" جديد أن يكون ملجأً ونجاة من ضغط السياسة الأمريكية، على أمل النجاح في سياسة المناورة بين أكثر من "سيد" على العالم. لكنهم يتناسون أنهم في لعبة المناورة، وفرحهم بنجاحهم في بعض الأحيان لا يزالون في مكان "العبد" من "السيد". وعلى رقعة الشطرنج الكبرى، هم بيادق صغيرة تحركها اليد الكبيرة.


ويبقى أمر في غاية الأهمية يجب أن نضعه في أذهاننا: أن لعب الأدوار لا يجب أن يحدده الآخرون، بل يجب أن ترسمه لنفسك وفقاً لقدراتك والأوراق التي تمتلكها. 


لأنه إذا رُسم لك الدور من قبل الآخرين، فإننا لا نسميه دوراً بقدر ما هو مهمة معينة تقبض ثمنها. 


وخطورة ذلك أنك ستكون مقيداً في الدفاع عن محددات أمنك القومي إذا ما تعارضت هذه المحددات مع من يرسم لك المهمة والدور، بل قد لا تملك التحرك إلا بعد أن يأذن لك. إن السياسة الناجحة، في تصوري البسيط، لا تكمن فقط في قدرتك على المناورة على متناقضات الأسياد ونقاط الضعف لدى "العم سام"، بل في أن تكون لديك القدرة الشاملة، ولا يكون مكانك في رقعة الشطرنج بيدقاً صغيراً يتم التضحية به في أي وقت.