رئيس مجلس الادارة: نجلاء كمال
رئيس التحرير: محمد أبوزيد
advertisment

ثابت أمين عواد يكتب :قطار "العادلية"..هل ينحرف عن مسار "التحول الأخضر"؟

المصير

الخميس, 22 أغسطس, 2024

10:17 م

تؤكد لنا أحوال الطقس كل يوم اهمية "التحول الأخضر" الذي تبنته الدولة ووضعته مبكرا استراتيجية ومنهجا وخطط وبرامج ومشروعات تواجه التحولات المناخية، وتستهدف تطوير حياة المواطن ووسائل معيشته في بيئة آمنة تحافظ علي حق الأجيال المقبلة في مستقبل كريم.

وينعكس هذا التحول عند التخطيط للمشروعات القومية، والصغيرة ايضا، فقد كان البعد البيئي كان حاضرا متصدرا لكافة الاولويات، ومازال، وهو ما تترجمه وتحرص عليه اهتمامات والتوجيهات الرسمية عند التخطيط للمشروعات، فضلا عن جهود وزارة البيئة في توالي مبادراتها نحو هذا الهدف الذي تؤكده الحياة كل يوم، في طبيعتها وبيئتها ومناخها.

وتتابعت الجهود الرسمية والشعبية نحو وتوالت المبادرات نحو هذا "التحول الأخضر" الذي بدأ في العديد من القطاعات والخدمات من بينها انشاء الخط الاخضر مترو الانفاق، والقطار الكهربائي فائق السرعة، ومبادرات اتحضر للاخضر، وزراعة 100 مليون شجرة، وغيرها من المبادرات الخضراء.

وعند التخطيط لإنشاء القطار الكهربائي فائق السرعة، الذي تنفذه وزارة النقل، كان البعد البيئي أيضا متصدرا لكافة المزايا، حيث كان الهدف أن يؤدي تحويل النقل العام الي السكك الحديدية الحديثة، الي تقليل تلوث الهواء، وتخفيف آثار غازات الاحتباس الحراري، كما ان التحول الاخضر لايتوقف علي مصر فقط، حيث تسعى دول العالم للاعتماد على وسائل النقل النظيفة باستخدام الطاقة الجديدة والمتجددة، وهو ما يطبقه مشروع القطار السريع الذي يربط شرق الجمهورية بغربها، واصلا لكافة الموانئ البحرية على البحرين الأحمر والمتوسط، بطول 2000 كيلومتر، فضلا عن اختصار الوقت عبر شبكة سكك حديدية آمنة، والتحكم في زمن التقاطر للقطارات لتتناسب مع حجم الركاب، وهو مايقلل تكلفة التشغيل وحركة النقل بين اكثر من 80 مدينة، بسرعة 250 كيلو في الساعة، ملبيا النمو المتوقع للمدن وحركة البشر والبضائع.
علي الجانب الآخر هناك مسار آخر لقطار جدبد يجري تنفيذه حاليا وهو "خط الروبيكي - العاشر من رمضان" للحاويات عند بلبيس بالشرقية، وهو بالفعل يكمل منظومة التحول الأخضر، حيث يقلل من استخدام عمليات الوقود ويوفر الوقت والجهد بنسبة 50% مقارنة بطرق النقل البرية التقليدية، الا ان مساره المتوقع انشائه سيشق أرض جمعية العدلية، حيث فوجئ أعضائها بإخطارات بمرور  مسار القطار ب ٨٦ قطعة أرض زراعية، تغطي ٨٥٠ من الأراضي الزراعية المنتجة والمثمرة.

هذا المسار المقترح، لن تتوقف توابعه في إنحراف مساره عما تخطط له الدولة نحو التحول الاخضر فقط، بل سيقسم ارض جمعية العدلية الي نصفين، كما سيهدر نحو 3 – 4 ملايين جنيه قيمة البنية الاساسية ومرافق الجمعية بلغت نحو 3 – 4 مليار جنيه، منها 9 محطات رفع مياه الري تعمل بالطاقة الشمسية، فضلا عن القضاء علي 60 الف شجرة مثمرة هي جوهر جهود مجتمع جمعية العدلية.

 تنفيذه تنفيذ مسار القطار المقترح بمنطقة العدلية مركز بلبيس، سيؤدي الي إزالة زراعات ومحاصيل الفاكهة تزرع وتنتج وتصدر، علي مدي أكثر من نصف قرن، عندما تم تخصيص ارض لصالح إحدى الجمعيات التعاونية، في السبعينيات، عبر عقود مسجلة مساحتها تقترب من 850 فدانا.

ولاشك ان القانون يمنح الحق للدولة في نزع الملكية الخاصة للمنفعة العامة، ومن منطلق مبدأ المنفعة العامة نذكر، ان هذه المنفعة العامة الحقيقية تهدف أيضا بأن تستمر الارض تثمر وتحافظ علي أشجارها خضراء، وان جوهر هذه المنفعة يحمل أحلاما لبشر حملوا بدورهم، وعدا من الوطن، بأن يطمئنوا علي مستقبل أبنائهم آمنين، وأن أصل هذه المنفعة العامة يتعارض مع مطالب المجتمع الزراعي الساعي لإنقاذ نحو مئات الافدنة المنتجة لاصناف زراعية فائقة الجودة، وهذا المشروع الواعد، قطار "العاشر من رمضان – بلبيس"، المقترح، يحمل رسائل إيجابية عبر استبدال الملوثات بوسائل صديقة للبيئة، وهذه رسالة ايجابية فائقة الوضوح..إلا أنه يشق كيانا قائما بالفعل، وهو مجتمع زراعي واعد، ويحيله الي نصفين، لتتوالى خسائر ما تبقى من زراعات ومساحات خضراء.

يقترح اهالي الجمعية مساران بديلان للقطار، الأول مسار بديل مقترح علي أرض العبور الجديدة، والآخر علي طريق بلبيس - العاشر، وهذه البدائل خالية تماما، وهي أراض فضاء، فضلا عن أنها لا تبتعد عن المسار المحدد الحالي نحو 300 مترا تقريبا.

من بين أفراد هذا المجتمع الزراعي، د. أيمن فريد أبو حديد وزير وزارة الزراعة واستصلاح  الأراضي، رئيس مركز البحوث الزراعية "الأسبق"، وكان اهتمامه واضحا حيث أجرى العديد من الإصلاحات الزراعية، وينبه الي ان هذه المنطقة الخضراء تغذي الصحراء المحيطة بالاكسجين، حيث الفرد ينتج من 4 - 7 كجم كربون سنويا، ولتعويض ذلك تحتاج لزراعة نحو 5 - 7 شجرات، للحفاظ على التوازن البيئي، والشجرة الواحدة تنتج 1.7 كجم كربون، و 120 لترا اكسجين، اي ان الاشجار رئة حقيقية للمواطنين، فهي تتخلص من الكربون الملوث للهواء، وتنتج الاكسجين سر الحياة.. تضم الجمعية صفوة من أبناء مصر من بينهم أحمد حميدة عقيد سابق، والمهندس محمد بركة، ومحمد عبد الحميد، والمهندس إبراهيم عبد الجواد خبير البترول، الذي يشير الي أهمية توافر وحدات البرودة المؤثرة علي خصوبة الاثمار، وهو ما يتطلب توافر مساحات خضراء وغطاء نباتي يوفر هذه الوحدات الي النبات لكي يثمر.

سمير مازن مدير الجمعية، يوضح ان هناك خسائر أخرى  بسبب ما يسمى ب "سقوط حقوق الارتفاق"، فمرور القطار بين المزارع سوف يفصل شبكات الري التي يشترك فيها أكثر من مالك، وينقطع الري عن بعض الاراضي، فيتم تبويرها، فضلا عن ان مرور القطار سينتج عنه انقطاع تدفق المياه الطبيعي، حيث تم اقامة 11 محطة لرفع المياه بالطاقة الشمسية، فضلا عن إعاقة تدفق المياه وتعريض الأراضي الزراعية للجفاف أو الفيضانات، اضافة الي ازمة اخرى وهي "محجر الشرقية" الذي يقطع المسار المخطط للقطار، بعمق 75 متر و مساحة 70 فدان تقريبا، وهو مايتطلب الردم الذي ستبلغ تكلفته ملايين الجنيهات.

ويتردد تساؤل يطرحه المجتمع الجديد هنا ينتظر الإجابة: هل تتحول مزايا التحول الأخضر الي خطر اخضر..لا اعتقد.. لان الامناء علي "التحول الأخضر" هم الامناء علي الوطن و سيظلوا إمناء علي مزاياه، ليصبح هذا التحول حلما وشعارا وواقعا عند ارض العدلية وغير العدلية..