رئيس مجلس الادارة: نجلاء كمال
رئيس التحرير: محمد أبوزيد
advertisment

مختار محمود يكتب: ما بعد عزل الوزير والمفتي!

المصير

الإثنين, 12 أغسطس, 2024

05:49 م

عَزلُ وزير الأوقاف والمفتي السابقين من منصبيهما أثلج صدور المصريين، رغم ما يحاصرهم من أزمات طاحنة. استمرار المذكورين أحد عشر عامًا كان "خطأ تاريخيًا"، تأخر تصويبه كثيرًا، ولكن أن تأتي متأخرًا خيرٌ من ألا تأتي.  ميراث الوزير والمفتي المُبعدين يتطلب عمليات إصلاحية قاسية وجذرية من جانب الوزير الدكتور أسامة الأزهري والمفتي الدكتور نظير عياد على الترتيب، وفقهما الله إلى ما يحبه ويرضاه. أصاب الجمود المشهد الديني في زمن الوزير والمفتي المخلوعين. كلاهما لم يستطع رسم صورة طيبة ومقبولة ومستساغة للمسؤول الديني. نال كل منهما حظًا موفورًا من الانتقادات الخشنة المُستحقة..ولا يزالان. تبنَّى الوزير والمفتي المعزولان خطابًا دينيًا مُسيسًا ومستفزًا وجافًا وبليدًا بامتياز. وبدا أن هذا التسييس لم يكن مفروضًا عليهما أو مُلزمين به أو بتعليمات فوقية من الباب العالي، بل كان بمبادرة شخصية منهما؛ ومثال ذلك ودليله هو أن الوزير الجديد لم يحظر –كما سلفه- الحديث عن غزة ومحنة أهلها وإدانة ما يُرتكب بحقهم من جرائم. الوزير المعزول اعتبر الدعاء لأهل غزة على المنابر وفي شهر رمضان الماضي من الكبائر والمحرمات التي لا تُقبل من أصحابها توبة، ولا من غيرهم شفاعة. الوزير "الأزهري" بادر أيضًا بزيارة شيخ الأزهر الشريف وأعلن من هناك خطته المقبلة التي تستهدف التعاون بين وزارته ودار الإفتاء تحت رعاية  ومظلة الأزهر الشريف. هذا حسن وطيب ويكشف أن عداوة الوزير السابق للإمام الأكبر كانت شخصية أيضًا، ولم يكن لها ما يبررها، ولم تكن بتوجيه سياسي. الرجل كان يحلم بالقفز على كرسي المشيخة، وهو لا يُتقن فاتحة الكتاب..كيف؟ لا ندري ولا نعلم ولا نريد أن نعلم، فقد رحل مثل المفتي غير مأسوف عليهما!
 المفتي المعزول سوف يدخل طي النسيان سريعًا رغم الفترة الطويلة التي قضاها في منصبه؛ لأنه لم يترك أثرًا حقيقيًا وتأثيرًا ملموسًا ومواقف مشهودة. المصريون لا يزالون يذكرون -بكل خير- المفتي الأسبق الدكتور نصر فريد واصل رغم فترته القصيرة جدًا؛ لأنه لم يكن خاضعًا ولا مستسلمًا ولا منبطحًا، وقال: لا؛ عندما كانت واجبة ومرهقة ومكلفة، وهذا سمتُ عالم الدين الحقيقي! المعزولان أعادا بجدارة إلى ذاكرة المصريين شخصية الشيخ حسن –التي جسدها الفنان حسن البارودي في فيلم الزوجة الثانية- الذي كان يُشرعِنُ مطالب ونزوات العمدة؛ حتى يضمن رضاه عنه، ومن ثم يبقى قريبًا منه!
إذا طوينا صفحات الماضي بكل ما فيها من مساويء وسوءات..فإننا نتطلع إلى أن تعود المياه إلى مجاريها –فعلاً لا قولاً- بين المؤسسات الدينية الثلاث، كما أعلن وزير الأوقاف الدكتور أسامة الأزهري فور استوزاره؛ لأنه لا بديل عن ذلك، ولأن ذلك هو عين الصواب، ودع عنك معالي الوزير مغازلة الطرق الصوفية ونقابة الأشراف وما ذكرته أنت آنفًا؛ فأنت ليست عليك فواتير لتدفعها، وهؤلاء لن يضيفوا للخطاب الديني شيئًا مذكورًا، بل سوف يفسدون كل شيء!
 وكما بدأت وزارة الأوقاف خلال الأسابيع الستة الماضية خطة عاجلة للتطهر سريعًا من أدران إحدى عشرة سنة ماضية، فإن المفتي الجديد الدكتور نظير عياد لن يعدم الحيلة في أن يفعل الأمر نفسه دون جهد منه أو مشقة، رغم صعوبة المهمة؛ فالرجل يعتبر من أبناء شيخ الأزهر الشريف وتلاميذه النُّجباء. نتمنى أن يحدث ذلك سريعًا. تعالوا جميعًا إلى كلمة سواء. لا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم، كما ذهبت في العشرية الماضية. أعيدوا لعالم الدين هيبته المفقودة في زمن المعزولين ومن حذا حذوهم. اجعلوا إرضاء الله هو همَّكم الأكبر. لا ترتضوا الدنيئة في دين الله. اختاروا منابركم الإعلامية بعناية، ولا تذهبوا وراء كل ناعق، ولا تنافقوا خصوم الله وكارهي الإسلام بالسليقة؛ بزعم الانفتاح والتحضر والتحرر و"تكبير الدماغ"؛ فالله تعالى هو القائل: "يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياءَ تُلقون إليهم بالمودَّة".