رئيس مجلس الادارة: نجلاء كمال
رئيس التحرير: محمد أبوزيد
advertisment

مختار محمود يكتب: أنا والوزير..وهواك!

المصير

الأربعاء, 3 يوليو, 2024

12:31 م


انطوت صفحة حزينة بائسة من تاريخ مصر بإقالة الوزير السابع والستين لوزارة الأوقاف. قولاً واحدًا..عاشت الوزارة عشرية سوداء في عهد الوزير السابق. ربما لم يشهد تاريخ مصر القديم والحديث احتفاءً كالذي حدث في الساعات الأخيرة منذ تم التأكد من الاستغناء عن خدمات  الوزير "ده"! لقد عمَّ الفرحُ البشرَ والحجرَ والشجرَ والأجنة في بطون أمهاتهم. حقبة كئيبة مرت على المساجد والمنابر والأئمة والدعاة. استوطن إذاعة القرآن الكريم حتى هجرها الناس كرهًا. دمَّر ما تبقى من دولة التلاوة المصرية. لم يدع شيئًا يُنفر القاصي والداني منه دون أن يفعله. تبنى خطابًا مسيسًا لا علاقة له بالدين من قريب أو بعيد. ظل يتعامل مع مرؤوسيه حتى الثواني الأخيرة بمكايدة غريبة وعناد عنيف وكأنه ندٌّ لهم، وليس وزيرًا. تقمَّص الوزير السابق شخصية "رأفت رستم" التي جسدها أحمد زكي في فيلم "معالي الوزير"، عندما أقسم بالله جهد أيمانه على احترام الصدفة "الغلطة" التي جعلته وزيرًا، والعمل بكل الأساليب على ترسيخ أقدامه في منصبه المباغت. بالغ الوزير "ده" في احترام الصدفة التي أتت به وزيرًا على حين غفلة، حتى أصبح عميدًا للوزراء في عدة حكومات لم تجلب على مصر سوى الأزمات والخيبات. جاء وزراء وذهب آخرون، وظل الوزير "ده" جاثمًا على الكرسي -الذي جلس عليه من قبله كلٌّ من الإمام الشعراوي والدكتور محمود حمدي زقزوق رحمهما الله تعالى- أكثر من عشرة أعوام كبيسة! خلال استوزاره..أدار الوزير "ده" ظهره لكل مكرمة، ولم يدع نقيصة دون أن يُقبل عليها فرحًا مسرورًا. عندما كلَّف الله تعالى موسى –عليه السلام- بالرسالة والنبوة طلب الأخير إلى ربه -عز وجل- أن يدعمه بأخيه هارون –عليه السلام- الأفصح منه لسانًا، لكن الوزير السابق عاند نفسه والناس أجمعين؛ عندما تصدَّر للخطابة والإمامة والتقديم الإذاعي والتليفزيوني، وهو لا يملك من مقوماتهم شيئًا مذكورًا، متجاوزًا بذلك أزاهرة أعلامًا يفوقونه علمًا وفصاحة وتبيانًا، لم يجدوا أمام جبروته المتفاقم بُدًّا من التزام الصمت التام. لم ينسَ الوزير السابق "التار البايت" مع إذاعة القرآن الكريم عندما رفضته متحدثًا قبل استوزاره في برامجها؛ لعوار في لسانه؛ فعاد منتقمًا منها، فارضًا نفسه بقوة النفوذ الغاشم، لا العلم ولا حسن البيان ولا روعة التبيان. عكَّر المأفون صفو أول إذاعة دينية وضعت للناس، حتى انفضَّوا من حولها. كان برنامجه –رغم تدني مستواه اللافت وتسييسه البغيض- الوحيد في تاريخ إذاعة القرآن الكريم الذي يُعاد بضع مرات يوميًا. ورغم أنه لا يتقن فاتحة الكتاب إلا إنه اقتحم ملف قراء القرآن الكريم، وأنشأ مجلسًا، وضع نفسه على رأسه، ثم قرَّب أردأ الأصوات وأضعف القراء وشمل أصحابها برعايته، واستبعد المجيدين المتقنين وناصبهم العداء، ثم إن الأدهى والأمرَّ من كل ذلك أن تدخل لمنح أرفع الأوسمة المصرية لقارئين بلا تاريخ أو جغرافيا. تآمر الوزير المستبعد على مقام شيخ الأزهر الشريف، واستعان على سوء صنيعه ببعض الصبيان والمدلسين والمراهقين، وتكبر واستكبر وتوهم أنه يمكن أن يكون خليفة له!  كما طالت يد التخريب في عهده المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، فضمَّ إلى عضويته ولجانه مَن لا يستحق أن يمر من أمام أبوابه، وتعامل معه باعتباره "عزبة خاصة أو وسيَّة ورثها عن الأقدمين"!  أما الجانب الأكبر من السيرة المسمومة للوزير الراحل عن منصبه فيتجسد في حالة الإذلال الممنهجة التي قادها باحترافية ضد عدد كبير جدًا من الأئمة والخطباء، منهم مَن هو في عُمر صِهره المُدلل، ومنهم  مَن هو في عُمره، بل وأكبر منه سنًا. تنوع إذلال الوزير السابق للأئمة والخطباء في حالة التمييز المادي والمعنوي التي فرضها عليهم، وتشريدهم بعيدًا عن مساكنهم وذويهم، وإغلاق أبوابه دونهم، والمغالاة في إذلال من يجأر بالشكوى ويطلب الغوث، فضلاً عن الصكوك التي استنزف بهما أموالهم وأفرغ من أجلها جيوبهم، حتى إن منهم من لجأ –جبرًا- إلى الاقتراض البنكي؛ حتى لا يحل عليه غضب الوزير الذي يضرب ولا يبالي.
وأخيرًا..سلامًا مساجدَ مصر ومنابرَها. سلامًا إذاعة القرآن الكريم. سلامًا فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف. سلامًا أئمة المساجد وخطباءها المقهورين. سلامًا على كل من أذله الوزير المشلوح؛ فكل مكسور –بإذن الله- سوف يُرمَّم، فالله –وحدَه- هو جابر الخواطر، ويتدخل في اللحظة الحاسمة دومًا!