كتب :محمد أبوزيد
بينما يشتبك رجال المقاومة مع الميركافا الإسرائيلية من المسافة صفر لا يهابون الموت دفاعا عن أرضهم ومقدساتهم، ينتاب جنود جيش الاحتلال الإسرائيلي حالة من الذعر والرعب الشديد من العودة للخدمة في قطاع غزة بعد أن اذاقتهم المقاومة كل ألوان العذاب.
وأعلنت هيئة البث الإسرائيلية اليوم الأحد أنّ جندياً أقدم على الانتحار بعد تلقيه أمراً بالعودة للخدمة العسكرية في غزة.
والإعلان عن انتحار جندي خبر بات يتكرر أسبوعيّاً إثر حالات الإكتئاب الشديدة التي انتابت الجنود جرّاء قساوة المعارك في غزة ورعب حرب الأنفاق.
إنتحار 10 جنود
وكانت صحيفة صحيفة "هآرتس" الإسرائيليية قد أكدت في تقرير لها قبل عدة أيام أن 10 جنود إسرائيليين أقدموا على الانتحار في أول ساعات "طوفان الأقصى" وأن الجيش يتستر على مقتل 17 جنديا بعضهم انتحروا، إضافة لجنود احتياط انتحروا بعد تسريحهم.
وأفادت الصحيفة بأن المعطيات التي حصلت عليها من داخل الجيش الإسرائيلي تشير إلى أن عشرة جنود انتحروا، بينهم ضباط برتبة رائد ومقدم، وتم الاعتراف بهم على أنهم "شهداء" لكن الجيش يرفض الإفصاح عن تفاصيل أخرى
ونقلت الصحيفة عن خبراء إسرائيلين قولهم إن معظم حالات الانتحار في الجيش هي في صفوف جنود شبان، لكن هناك تأثيرات غير مألوفة لـ7 أكتوبر، "وفجأة تعين على الجيش التعامل مع ميول للانتحار في أوساط جنود وضباط في الخدمة العسكرية الدائمة وفي الاحتياط في الثلاثينات والأربعينات من أعمارهم".
ولفتت الصحيفة إلى أن الجيش الإسرائيلي برر سياسته في البداية بوجود "ضرورات ميدانية لا تسمح بالتحقيق في كل حالة تبين فيها أن الجندي انتحر".
وقال مصدر عسكري إنه "اعتقدنا أن الإعلان عن ذلك من شأنه المس بمعنويات الجمهور". فنشر أسماء الجنود القتلى "يسبب ألما كبيرا لدى الجمهور، واعتقدنا أنه لا حاجة إلى إثارة أمر كهذا بسبب حالات لم يمت فيها جنود في معركة أو بسبب حادثة عملياتية".
ونقلت الصحيفة معلومات وقصص مهمة عن انتحار الجنود الإسرائيليين بسبب غزة وقالت في تقريرها الهام :
دخل أحدهم منزلاً في كيبوتس ثم سُمع صوت إطلاق نار، وانتحر آخر في سيارته في حين فجّر جندي آخر قنبلة يدوية"
ونقلت الصحيفة بعض الأحاديث مع أقارب الجنود والضباط المنتحرين الذين أكدوا أن ذويهم الذين انتحروا بسبب أن ما رأوه في مستوطنات غلاف غزة أدى لتحطيم نفسياتهم.
فيما يعجز الجيش حتى الآن عن التعاطي مع هذه الظاهرة، وذلك رغم مرور 8 أشهر على السابع من أكتوبر.
وأكدت "هآرتس" أن بعض حالات الانتحار التي سُجّلت في صفوف الجيش وقعت في الساعات الأولى من السابع من أكتوبر أو في الأيام التي تلته مباشرة، وأخرى وقعت بالتوازي مع الحرب على غزة.
ظاهرة غير مسبوقة في إسرائيل
وأكد خبراء في الطب العسكري النفسي في تصريحات للإعلام العبري أنه خلال الحرب على غزة تكشفت ظاهرة جديدة غير مسبوقة، وهي أن «الجنود والضباط ينتحرون خلال الحرب»، بينما جرت العادة أن تجري عمليات الانتحار بعد أن ينتهي القتال، حيث ترافقهم صور القتل والدمار الجنود في حياتهم المدنية، وتتحول إلى كوابيس مرعبة.
وقال رئيس «مركز أبحاث الانتحار والألم النفسي» في المركز الأكاديمي «روبين»، بروفيسور يوسي تيفي – بلز، إن «هذا الأمر كان مفاجئاً جداً؛ فنحن لسنا معتادين على وقوع حالات انتحار خلال القتال. وحالات كهذه كانت تحدث غالباً بعد انتهاء المعارك، وبين أشخاص يعانون من حالة ما بعد الصدمة بالأساس، ويستمرون بالاستيقاظ كل صباح على مشاهد ونغمات وشعور بالذنب. وهذه الحالات النادرة من شأنها أن تدل على شدة الفظائع التي حدثت في (غلاف غزة) في تلك الساعات، وعلى تأثيرها في الوضع النفسي لأولئك الذين اطلعوا عليها»، وفق ما نقلت عنه الصحيفة.
ووفقا لاحصائيات رسمية إسرائيلية بلغ عدد الجنود الإسرائيليين الذين انتحروا منذ حرب أكتوبر 1973 حوالي 1227 جندي وضابط