الفن ملكية خاصة لمرتادى قلاعه ...وحدك تملكه، هو لك ،متعة كاملة وشخصية جدا .
وحدك تستمتع بما تقرأ ...بما تسمع ...بما ترى .
وليست هناك حتمية مشاركة أحدهم لك .
لكن الفنان والمبدع نفسه كثيرا ما يتأثر بمن حوله وبما حوله من شخوص وقضايا وإن اختلفت درجات التأثر من مبدع لآخر ...
من حقى وحق كل من يصله أى شكل من اشكال الإبداع- كقارىء- أن يبدي رأيه وينقل إحساسه .
وأيضا من حق المبدع ان يتناول ما يريد من أفكار واختيارات.
القارىء يملك الرأى ولكنه أبدا لايملك نصب محاكم نفسية ولا تقييد فكرى لمبدع ولا توجيه لأفكاره .
كل مبدع وفنان عليه ان يدرك أن التاريخ لن يمر على ما سيترك من أثر مرور الكرام ولن تترحم الذاكرة إلا على من أشبع جانبا روحيا، وقدم قيمة، ودون معاناة، ونقل بمصداقية قضايا مجتمعه ...
ولكى يقدم الكاتب عملا جيدا لا بد من امتلاكه الموهبة .
الموهبة هي شفرة دخول عالم الإبداع وإلا كيف نميز بين العادى والمبدع والاكثر ابداعا ؟....نهل العلم وخوض بحار الثقافة سهل جدا يعملوه اتنين ...أحدهم سيكتفى بالقراءة او محاولة ( فاشلة أو مقبولة نوعا ) للكتابة والآخر سيصير مبدعا.
الفارق هو من يمتلك الشفرة.
الموهبة لا تُكتسب .
الموهبة ملكة وفطره
وتبقى الدراسة والقراءة والإخلاص والعمل على تطوير الذات هي بالنهاية اختيارات بشر.
ثم يأتي ميلاد العمل .
والحقيقة أننا لا نبتعد عن الصواب حين نقرر أن
الإبداع عملية بالفعل مرهقة، لذا تشبيه الأمر بالولادة مقبول تمام.
ومن المفترض ألا يتجاوز الوصف إلى ما هو أكثر من ذلك، لأن هناك ذلك الكاتب الذي يتحول إلى أم، أو أب
لما يكتبه من منتوجات.
فيدافع ويشجب ويرفض أى محاولة لنقد أو تحليل للعمل .
وهنا لا بد من وقفة . لأنه من الطبيعي أن الكاتب يلد العمل ليسلمه لقارىء وإلا ما الهدف؟
ويبقي الإبداع دوما هو الغاية .
غاية البحث وملجأ الروح.
فنحن لا نريد تقرير حقائق .ففي الفن والإبداع نحن لا نريد أن نستمع الى حقائق،او أن نشاهد أو نقرأ حقائق؟
الجميع يضع المساحيق الخاصة به ورتوشه المميزة .
من يتبنى فكرة النقل الحرفى ويهتف بشعار الفن نقل للواقع هو مروج لمسخ .لنصبح بصدد منتج لم نرى فيه حقيقة ولم يجذبنا إليه جمال.
وأيضا نرى ذلك إذا ما تطرقنا للحديث عن الكتابة عن الأشخاص او تناول قصص واقعية .
له منظور إبداعي أيضا
فهو ليس مجرد تسجيل لأحداث جرت ولا سرد لمواقف سمعناها أو شاهدناها .
كاميرا رصد المبدع الفنان زوايا رؤيته ما هو إلا تحليق نحو السحابة السابعة حيث الإبداع.
الإبداع أن نبتعد عن سرد الشخوص والأحداث مؤرخة .
الإبداع أن ناخذ الشخوص من نواصيها لنجردها من كل ما قرأناه عنهم ثم نستكشف نحن فيهم دروب لم يكتشفها أحد من قبل
بصيغة خلابة جدا وشديدة الدقة أيضا.
وبالنهاية .
اغتيال الكتابة الحقيقية جريمة لا يستهان بها ..
والتشويش على المبدع الحقيقي أيضا جريمة أكثر خطورة
لأنه فى ظل التشويش وانهيار الحرف ،وتردي الكلمة ،ورداءة المضمون ،صار وصف الكتابة يشمل الغث والسمين .
وصار كل من ملأ ورقا بحروف لا تمت للأدب بصلة وأحاطه بغلاف حمل لافتة ( الكاتب).
وعشرات الكتب المنشقة تماما عن السمت الأدبى والفني المتعارف عليه .والتي تخرج من شقوق مجهولة الهوية .
يظلم المبدع الحقيقي ويشوش عليه ولا يًعطى حقه كاملا ..
نحن بحاجة لإدراج و ضبط قواعد نشر تُحترم ، بحاجة لإعدام كل رديء بحسم وبقوة ، لتبقى على الساحة فقط ،منابر محترمة ،ودور نشر واعية وحرف هادف ،
كاتب يحترم عقلية القارىء ويحترم كونه صاحب قلم وفكر .
لنحترم من يمنحنا عن طيب خاطر وطواعية جمال وإبداع .