اخترقت مواقع الإنترنت عالمنا وأصبحت الحياة بشكل كامل، قائمة على مواقع التواصل الإجتماعي حيث يتشارك الجميع من خلالها حياتهم و أوقاتهم، و حتى اللحظات الخاصة بالطعام والشراب، وبعض لقطات العائلة، يتم مشاركتها للعامة !
وبهذا الصدد يعرض المصير أزمات بعض الأشخاص من أعمار مختلفة، عن تجارب قاسية مروا بها من خلال مواقع التواصل الإجتماعي، وصفحات الإنترنت.
فتاة الفلتر و أكذوبة الصور المزيفة
لجأ الجميع إلى مشاركة كم هائل من الصور على صفحات التواصل الإجتماعي، ومشاركة أي تجربة و كل لقطة يومية وحتى لحظات العائلة، كلما خرجت إلى مكان تجد العشرات يلتقطون الصور لمشاركتها على صفحاتهم، حتى بدون الإستمتاع بالنزهة أو أوقاتهم.
أصبح الكثير؛ و إن لم يكن الجميع يلجأون إلى خدع التصوير، ومنها الفلتر و هو خاصية تصوير تقوم بإضافة التعديلات، سواءً على الألوان؛ الإضاءة ؛الخلفية؛ أو حتى الملامح !
وفي حديث للمصير مع أحد ضحايا التوصل الإجتماعي، عبر الشاب( م.م) مهندس مدني 30 عام، عن صدمة كبيرة تعرض لها عند رغبته في الزواج، فعرض عليه أحد أصدقائه أن يتزوج إبنه خاله، وقام بإرسال صفحتها الشخصية على موقع الفيس بوك، وبعد رؤية صفحتها و متابعة منشوراتها لأكثر من ثلاثة أشهر، قرر التقدم لخطبتها ولكن عندما ذهب إلى بيت أسرتها، لم يستوعب الفرق الكبير بين صورها على صفحة الإنترنت وبين الحقيقة.
وعبر الشاب عن حيرته الكبيرة بعد أن تحدث لأهله مراراً وتكرار عن فتاة أحلامه التي وجدها أخيراً، وكيف يمكن أن يخرج من هذا الموقف القاسي !
قرر بعد موجة تفكير عنيفة أن يكمل في إجراءات الخطبة والزواج، وهو يراقبها كل يوم حين تقوم بمشاركة صورها و أصبح يشعر أنه يعيش مع فتاتين، أحدهما فتاة أحلامه ذات الشخصية الهادئة على صفحات الإنترنت، والأخرى فتاة عصبية سليطة اللسان ذات الملامح الغليظة، التي لا تكف عن الصراخ والأوامر!
تزوج الشاب ليعيش حياة منقسمة إلى جانبين، وأضاف خلال حديثه عن هذه التجربة، كيف فكر كثيراً في غلق صفحتها ولكن فضل أن ينظر إليها كل يوم ، ويتمنى لو كانت هذه الخدعة التي عاشها حقيقة !
طفلة العاشرة و البحث عن والدتها بين صفحات الإنترنت
تحدث المصير إلى الطفلة سجدة رمزي، البالغة من العمر عشرة أعوام فقط، روت الطفلة خلال حديثها كيف توفيت والدتها منذ عامان، لتتركها وحيدة بعد أن تزوج والدها وتركها مع جدتها التي بلغت عامها ال70 !
بكت الطفلة اثناء حوارها وعبرت عن فقدانها الشديد، لوالدتها وكيف أصابها الحزن الشديد، وهى تري صورة أصدقائها وزملاؤها في المدرسة مع عائلاتهم، وكل يوم تراقب صور الأطفال مع أمهاتهم وكيف تعتني بهم، وهى تجلس وحيدة في غرفتها بينما تبقى جدتها العجوز تحاول إعداد الطعام، وتلبية إحتياجات المنزل بشكل يومي.
ومن هنا أضافت الطفلة، كيف زاد دخولها إلى عالم التواصل الإجتماعي من حالة الحزن التي تشعر بها، وكيف تبحث عن والدتها كل يوم عبر صفحات التواصل الإجتماعي، وتتخيل كل يوم كيف لو كانت هذه والدتها، ولو تعود أمها إلى الحياة مرة أخرى !
عبرت الدكتورة سلمى لاشين أخصائي العلاقات الأسرية، وعلاج الإدمان كيف يؤثر الإنترنت على الحياة بشكل سلبي، ويتحول إلى سجن خيالي يعيش فيه الشخص بخياله وأفكاره، ويترك فجوة كبيرة وفراغ بين الواقع والعالم الإفتراضي، الذي يخلقه الإنترنت.
وقالت : لابد من فرض رقابة أسرية على الأبناء، وعدم السماح لهم بالجلوس طويلاً على مواقع التواصل الإجتماعي، وشغل أوقات فراغهم وإنغماسهم في الحياة الواقعية، وتجنب مشاركة الحياة والصور الخاصة على صفحات التواصل.