رئيس مجلس الادارة: نجلاء كمال
رئيس التحرير: محمد أبوزيد
advertisment

د.رشا ضاهر تكتب :كعادة الصباح

المصير

السبت, 11 مايو, 2024

02:25 م

لا يحتاج إلى آلة تنبيه لإيقاظه فزجاج نافذته المكسور تاركاً فراغ على هيئة دائرة تخرج منها خطوط منحنية ... فراغ كفيل لدخول أشعة الشمس الحارقة تقبل عينيه أو تصفعه على وجهه بمنتهى العشوائية حسب حالته النفسية .. غطاء سريره زهري اللون الذي لطالما أحبه لأنه من رائحة والدته رغم الثقوب التي تركها ابوه ذكرى فوق الغطاء بفعل التدخين ... جدران الغرفة الذي يتساقط طلاؤها بفعل رطوبة مياه البحر فهو سكندري الأصل لا يعرف رائحة أشهى من رائحة شاطىء كليوباترا ..ينهض من نومه جالسا على طرف السرير ..يصارع النوم فيغلبه تسقط رأسه يميناً تارة ويساراً تارة حتى يمل الوضع صائحاً ( ماتتنيل تفوق بقى ) يهم واقفا يرفع بنطال بيچامته الكستور لأعلى .. الرفيقة بيچامة كما أسماها ... فقد مرت معه بكل الذكريات حلوها ومرها ..يضع قدميه داخل نعاله الأزرق ماركة باتا .. يجر قدماه ببطء فهو مازال في سكرات النوم ..يذهب لدورة المياه .يمسك بالمنشفة ويحاول فتح صنبور المياه النحاسي القديم الذي أحكم غلقه ليلاً حتى يستطيع النوم صوت قطرات المياه كفيل أن يقلق منامه ...يلقي بالمنشفة فوق كتفه ويستمع لصوت المياه في المواسير ليعلن غضبه صائحاً(ياللي تحت اقفلوا المايه حرام عليكم عايز اغسل وشي ) يستمع لضحكات جارته العجوز قائلة (حاضر يا أمين باشا ) تندفع المياه بقوة .. يجفف وجهه ويذهب لغرفته بنشاط اكبر ..يحضر بدلته البنية اليتيمة . وشرابه البيچ وحذاءه الأسود فهو برغم فقره لديه حاسة اختيار الألوان بمهارة ... يحاول فتح باب شقته الخشبي العتيق فيهتز بقوة يمزح معه ضاحكا( مش وقت رقص خالص فرحان أوي على ايه ؟ ..ادعي لي بس ياعم الباب اقبض النهاردة واصلحك ) ينزل الدرج مهرولاً . يمشي بخطوات سريعة و يقفز في أول اتوبيس قائلا (المسرح يا اسطى ) وحين وصوله يلقي التحية على الحارس ناظرا لباب المسرح الذي افنى نصف عمره على خشبته ممثل مغمور رغم عبقرية موهبته ..يلقي التحية علي أم سعيد بابتسامة مشرقة (حضري لي بقي ساندوتش الجبنة قبل العرض يا ست الكل يا عسل انتِ .انتِ بتكبري وبتحلوي ازاي كده يا وليه؟) كان جابر للخواطر رغم احتياجه لمن يجبر خاطره ..يرتدي ملابس شخصية الباشا صاعدا بهدوء شديد على خشبة المسرح المتهالكة وتصفيق جمهوره السكندري المحدود العدد الذي يحبه بشدة . تلبسه روح شخصية الباشا قائلا ( فين القهوة يا ولد ؟) ليختتم عرضه بعد ساعة متواصلة من الضحك مازحاً مع الجمهور ( صقفولي جامد عشان وعدوني لو عجبتكم هايدوني البدلة وانا مروح) يعلو تصفيق وضحكات الجمهور ويعلو كذلك نحيب أشجانه ..