رئيس مجلس الادارة: نجلاء كمال
رئيس التحرير: محمد أبوزيد
advertisment

عملية رفح الرقصة الأخيرة لبيبي قبل إعلان الهزيمة

المصير

الجمعة, 10 مايو, 2024

07:41 م

قراءة وتحليل: عزام أبوليلة

لقد بات معلوما أن الجيش الإسرائيلي فشل في تحقيق أهدافه التي أعلن عنها في بداية الحرب على غزة قبل سبعة أشهر، فلم يتم القضاء على المقاومة ولا تم تحرير الأسري، بل على العكس تماما لقد تم تعرية الجيش الذي أطلقوا عليه لا يقهر أمام العالم، بعدما وضح عجزه التام أمام مجموعات المقاومة بأمكاناتها الذاتية من التسليح الذي لا يقارن مطلقا، بما تملكه إسرائيل من إمكانات عسكرية مهولة، فالجيش الذي هزم ثلاثة جيوش عربية في ست ساعات في حرب 1967، واستولى على هضبة الجولان السورية، والضفة الغربية والقدس، وشبه جزيرة سيناء المصرية، في حرب خاطفة أمام جيوش نظامية عربية، بات اليوم نفس الجيش، منهكا، عاجزا عن السيطرة على مساحة لا تتجاوز 350 كيلو مترا هي مساحة قطاع غزة، بل إنه كلما توغل الجيش الإسرائيلي داخل القطاع لتنفيذ أهدافه، خرج وانسحب من المنطقة المستهدفة مذعورا يحتمي بأطراف القطاع وغلافه من هول مفاجآت المقاومة في غزة، ومن كمائنها التي لا تنتهي كما حدث في خان يونس والشجاعية والزنة، ومن خسائر الضباط والجنود خاصة في لواءات النخبة كما رأينا في جيفعاتي وجولاني ونحال، وكما صرح أحد القادة العسكريين الإسرائيلين يصف المقاومة الفلسطينية في غزة، إننا أمام عدو لا يهدأ ولا يستكين، ولا يدعنا نستريح،او تلتقط أنفاسنا، ورغم مرور الشهور السبعة على إعلان تل أبيب الحرب ضد القطاع والمقاومة في غزة، بات كل قادة إسرائيل على المستوى السياسي والعسكري، يدركون تماما أنه لابد من إنهاء الحرب وتوقف الخسائر الفادحة، ومهما سمعنا من تصريحات عنترية من بيبي نتيناهو أو من وزراء حكومته المتطرفة كسموتريتش أو ايتمار بن غفير، فإن ذلك كله مجرد جعجعات لا تخفي حقيقة الورطة التي باتت إسرائيل فيها والشعور بأنهم داخل رمال متحركة لا يستطيعون السيطرة على الأمور من حولهم، رغم المذابح المستمرة في المدنيين في القطاع وقتل وإصابة أكثر من مائة ألف فلسطيني أعزل أغلبهم من الأطفال والنساء، وبينما تم اقتحام مدينة رفح قبل يومين بعد تهديد طويل بذلك والسيطرة على معبر رفح من الناحية الفلسطينية وكذلك محور فيلادلفيا الفاصل بين الحدود المصرية والجانب الفلسطيني ، وما صاحب ذلك من دعاية وبروباجندا ورفع أعلام إسرائيل بكثافة في رسالة مفادها، أننا وصلنا لأبعد نقطة في القطاع، كل ذلك يعطي دلالات محددة تؤكد الفشل الإسرائيلي أمام المقاومة في تحقيق أي أهداف الحرب والعجز أمام العالم وأمام الرأي العام داخل إسرائيل عن استعادة الهيبة والردع اللذين سقطا في 7 أكتوبر بفعل هجوم المقاومة على المستوطنات والقواعد العسكرية المحيطة بغزة، وإن هذه العملية الحالية في رفح هي الرقصة الأخيرة لرئيس الوزراء نتنياهو الذي بات مؤكدا أن مستقبله السياسي قد انتهى على يد أبطال المقاومة في غزة، وأن الهزيمة التاريخية لإسرائيل وجشها قد باتت حقيقة، وإن تأخر إعلانها بعض الوقت، ومما يؤكد ذلك عدة مؤشرات أهمها،
1- اقتحام رفح والوصول للمعبر ومحور فيلادلفيا جاء بعد إعلان حماس القبول بوقف إطلاق النار والهدنة المقترحة خاصة من مصر، بعد مفاوضات شاقة، فلا بد أن عملية الاقتحام هذه تتم بتنسيق مسبق على الأقل الجانب الأمريكي الذي تحفظ كثيرا من قبل ذلك، ومع الجانب المصري خاصة مع وصول الجيش الإسرائيلي لمناطق تتداخل في صميم الأمن القومي لمصر مما قد يؤدي للتوتر بين الجانبين وهو ما لا تسعى إليه تل أبيب حاليا.
2- اقتحام رفح والعملية الحالية هي إعلان بنهاية الحرب بعد الفشل الإسرائيلي خلال الأشهر السبعة الماضية والإنهاك الذي وصل إليه الجيش الإسرائيلي، وكل ما في الأمر هي محاولة لحفظ ماء الوجه متفق عليها قبل توقف الحرب المستدامة، وحتى يقال إننا وصلنا إلى آخر نقطة في القطاع، لكن قد تكونوا وصلتم فهل تحققت أهدافكم المعلنة أمام العالم، بتحرير الأسرى والقضاء على حماس والمقاومة التي ما زالت تفرض شروطها على تل أبيب حتى اللحظة.
3- ما أعلن عنه وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن من أن عملية رفح محدودة يؤكد هذا التنسيق، في الوقت الذي أعطت أمريكا ضمانات خلال المفاوضات الشاقة في الفترة الأخيرة بوقف الحرب والانسحاب من غزة، وبناء عليه أعلنت حماس قبولها وقف إطلاق النار، فلا يمكن أن تهدم واشنطن كل نتائج المفاوضات خلال الفترة الماضية في لحظة، خاصة وأن الإدارة الأمريكي في مأزق أمام الرأي العام الداخلي مع تصاعد مظاهرات الجامعات الأمريكية، ومع اقتراب الانتخابات الرئاسية،
4- الجيش الإسرائيلي المهزوم في أغلب مناطق القطاع لن يحقق له النصر المزعوم اقتحامه لمنطقة رفح بمساحتها التي لا تتجاوز 65 كيلو مترا، والزعم بتمركز المقاومة في رفح زعم كاذب فما زالت الصواريخ تطلق من شمال غزة رغم تفريغها من السكان، وما زالت عمليات المقاومة الموجعة في قلب القطاع مستمرة.
5- لن تفاجئ خلال أيام قليلة بإعلان تل أبيب القبول بالهدنة ووقف الحرب بناء على مفاوضات القاهرة الأخيرة، فقد حسم القرار بالفعل داخل أروقة مجلس الحرب الإسرائيلي والكابينت رغما عن سموتيرتش وبن غفير وهذا ما أعلنه وزير الدفاع الإسرائيلي نفسه يواف جلانت قبل أيام، خاصة أمام الضغط الداخلي للمطالبة بقبول صفقة تبادل الأسرى مع حماس والمطالبة بعزل نتيناهو نفسه،
6- إعلان انتصار المقاومة التاريخي بات قريبا جدا، وإن كانت المقاومة قد انتصرت أساسا منذ 7 أكتوبر وهجومها الجرئ على المناطق الإسرائيلية، فالعجز الإسرائيلي أمام المقاومة بات واضحاً، فما زالت حماس والمقاومة لم تفقد على الأكثر إلا 20٪ من قوتها وعناصرها في أقصى تقدير وخلال سبعة أشهر من الحرب الضروس والعدوان على غزة.
7- تغير لهجة الأنظمة العربية تجاه المقاومة ومحاولة احتوائها يؤكد انتصار المقاومة الفلسطينية، فبدلا من الإعلان الفاضح عن الرغبة في القضاء عليها في بداية الحرب، الآن باتت الإعلان عن دعم الإعمار وتوقف العدوان وتقديم المساعدات ومغازلة حماس، وهذا لم يتم إلا بصمود وتضحيات أبطال المقاومة الذين فرضوا أنفسهم في معادلة الصراع في المنطقة على الأنظمة العربية العميلة قبل أن يفرضوا أنفسهم على إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية الداعمة والدول الغربية.
8- نستطيع أن نقول أن المقاومة خرجت من النفق المظلم بمحاولة القضاء عليها واستئصالها من غزة، فمن يصمد كل هذه الشهور تحت هذه وابل أكثر من 70 ألف طن من المتفجرات التي تفوق حجم عشرات القنابل النووية، يستطيع أن يصمد أكثر وأكثر خاصة مع ارتفاع الروج المعنوية للمقاومة، وبشائر النصر التي تتكشف كل يوم، والرسائل الربانية التي تؤكد صدق العزم وصدق الجهاد وإخلاص العمل والتضحية، فعندما تتحرك شعوب العالم ا لتدعم قضية المقاومة حتى في عقر دار أكبر داعمي إسرائيل كلها رسائل بقرب النصر وما هو إلا صبر ساعة.
9- إدراك الولايات المتحدة الأمريكية بما جاء على لسان الرئيس الأمريكي نفسه وإدارته بالتسليم بالواقع وقبول حماس والمقاومة كطرف في المعادلة في الصراع في الشرق الأوسط يؤكد انتصار المقاومة، وانتهاء الحرب والفشل الإسرائيلي رغم كل الدعم الأمريكي والغربي.
10- أخيرا فكل ما سبق يؤكد أن الحرب على غزة قد وضعت أوزارها، وأن حماس والمقاومة قد أدت ما عليها وما زالت تدفع وتدافع عن قضيتها الوطنية، وأنها قد انتصرت رغم الإمكانات المحدودة، ورغم الحصار ، ورغم الخيانة العربية، وأن المقاومة قد فرضت نفسها وفرضت تغيرا تاريخيا على المنطقة، وأن المستقبل لأصحاب الأرض والحق رغما عن تل أبيب وكل داعميها. ونستطيع أن نقول أن المقاومة الفلسطينية أصبحت رافعة للأمة كلها فنصرها نصر لكل الأمة العربية والإسلامية، وأنهم طليعة ومقدمة جيوش التحرير، فهم قد أدوا ما عليهم، فمتى تؤدي الأمة العربية والإسلامية ما عليها نحو قضيتها المحورية في فلسطين والأقصى؟!