بعد عبارات مسرحية درامية مثقلة بالأحداث .. ادعاءات كاذبة بالرضا والتقبل تستلقي على فراشك فارداً ذراعيك بجوارك مستسلماً .. تغمض عينيك محاولة منك لإجبار عقلك على عرض أي مشهد آخر يزين الشاشة السوداء أمامك ..تحاول تشتيت انتباهك عن الحدث الجلل الذي انتهت أحداثه منذ دقيقة ... يزداد تركيزك ..الأفكار حولك أصبح لها أقدام وأيدي تمسك بشريط لاصق وتعدو مسرعة تلتف حولك تقيدك لا تستطيع الخلاص ..أصوات مجسمة بشكل مفزع ...صوت أقدام غريب بجوار نافذتك خطواته تدق دقات منتظمة مملة تثير غضبك .. أنفاس كلبك الصغير عالية يلهث رغم نومه ..صوت الجارة وهي تأمر ابنها بالنوم ..وجهها الغاضب يقترب منك بشكل مخيف . جسدها ضخم كحيوان اعتاد الهجوم والتهام فريسته . صغيرها ضئيل الحجم كعقلة الأصبع يقف مرتعش أمامها ... وفجأة وكأن قوى خفية ضغطت على زر الإيقاف داخل عقلك ..لتدخل في سباق جديد ..يحملك الى شبه نوم ..ومضات وخيالات وأشباح ترتدي السواد أشبه بالخفافيش تفرد جناحيها بصوت مهيب تستعد للطيران تقترب أكثر فأكثر .. تشعر بخوف شديد تقترب أكثر منك ستنال منك وفجأة تختفى من المشهد تماماً... مشهد بطلته أمك .. تبدو وكأنك كومبارس صامت ..عمرك صغير جداً لا يتعدى الخمسة أعوام ..تحذرك أمك من الحديث مع الغرباء مرة ثانية لا يوجد جدران غير جدارن روحها تحتضنك بصدق ولكن هذا ليس صوت أمك انه صوت جدتك الحنون ..طيفها يربت على كتفك رغم لهجة التحذير الحازمة.
العصفور الذي اعتاد زيارتك كل صباح وحمل على عاتقه عبء ايقاظك.. عش الحمام الذي قرر أن يأنس بك وتأنس به .. يبدو هو الوحيد الذي أحب صُحبتك.. تفتح عينيك فجأة فزعا ..وكأن كل كائن حى على وجه الكرة الأرضية يفتح عينيه فجأة في نفس التوقيت فزعا ..حتى الجماد دبت فيه الروح واستيقظ فزعا .. صوت داخلي يعيد على مسامعك المكالمة بكل حذافيرها ...( للأسف احنا لو كملنا هنأذي بعض أكتر ) ( اكيد طبعا ) ( أنا مبقتش مبسوطة ) ( هو ده الحل الوحيد عشان نعيد توازن حياتنا بشكل أفضل )( اتمنالك السعادة ) .
صوت أنفاسك المضطربة يعلو ويعلو ..صوت إغلاق الخط الهاتفي الموصول بينكما وكأنه إشارة انفصال الروح عن الجسد ...لا تستطيع البكاء فالحدث يشبه صدمة إخبارك بفقدان عزيز لديك ..ترفع الغطاء عن جسدك المرتعش تحاول النهوض بصعوبة.
تنهزم خطاك ألف مرة وتنتصر مرة واحدة. تقف تحت الماء مرتديًا ثيابك تبدو كأنك منوم مغناطيسيًا، ربما بإمكان الماء إيقاظك. تقوم بأي فعل خارج عن المألوف للتعبير عن حزنك، تصرخ فجأة وتنهمر دموعك أخيرًا. تجلس القرفصاء على الأرض ولا تشعر بالارتياح. تعانق قدميك أكثر وتحتضنهما بيديك ، تضع كفيك على أذنك حتى لا تستمع إلى ذلك الغريب الذي يقف على حافة عقلك ويمسك بمكبر الصوت ويصرخ 'مرفوض'.صوت النغمة الرتيبة لرسائل هاتفك تُخبرك: 'أنا منمتش من أمبارح بعتذر عن قراري خلينا نحاول تاني '. تبتسم وتتعاطى جرعة المخدر التي أرسلت إليك للتو ، يزول السواد حول عينيك فجأة، تتنهد وكأنك تلتقط روحك الهائمة في المكان ..تسكن الروح جسدك مرة أخرى، لا ترد في الحال حتى لا تفتح جبهات تسمح بشن الحرب من جديد. تعرف أنك ستقوم بالرد حال ذهاب أثر المخدر. تضغط على زر تشغيل أغنيتك المفضلة 'بعيد عنك حياتي عذاب، متبعدنيش بعيد عنك'. تسمع ضحكات جارتك عالية وقوية رغم نحول جسدها، صوت أقدام صغيرها وهي تلعب الكرة. دقات خطوات الغريب على رصيف نافذتك كمقطوعة عظيمة لبيتهوڤن، كلبك الصغير يحرك ذيله فرِحاً ويدور حول نفسه حركات دائرية ...يلعق وجهك كما اعتاد ....نداء بائع الروبابيكيا 'حاجات قديمة للبيع'."