ليس سهلا أن تفوز امرأة بوسام "الأم المثالية"، فلابد من بصمة فريدة لتحظي بثقة منحها اللقب العزيز .. وتذكروا جميعا هذا الاسم .. أنيسة متولي .. بنت الدقهلية .. وبصماتها استمرت وتوالت عبر الزمن وتجاربه القاسية مع قصتها، مما رفع من أسهمها لتتربع علي عرش مسابقة الأم المثالية التي أعلنتها وزارة التضامن الاجتماعي لعام 2024 علي مستوى الجمهورية.
** الأرملة الصغيرة!
ويمر شريط الذكريات أمام عيني أنيسة، الحاصلة على دبلوم المعلمين والمعلمات .. عينان تملؤهما دموع الصبر و"حصاد" التعب من أجل ابنها الأول بدبلوم فني تجاري، والابن الثاني عقيد بالقوات الجوية .. حيث تزوجت الأم في سن مبكرة عام 1968، من زوجها الذي كان يعمل (مساحا) بمشروع بأحد المطارات يتبع لإحدى شركات المقاولات، وأنجبا ولدين، ولكن بعد عامين ونصف من زواجهما توفي الزوج خلال العمل تاركا ابنا أكبر عمره سنة وابنا أصغر عمره شهر واحد!.
** حلم التعليم!
هل تستسلم الأم لضربات القدر؟! .. أبدا، وتقرر وهي في الثامنة والعشرين من عمرها العودة إلى قريتها محل الميلاد مع أطفالها، فاستأجرت منزلاً بسيطا، لتقيم مع والدتها المريضة، واعتمدت علي نفسها، وأصرت "أنيسة" على تحسين مستواها التعليمي لرفع دخلها، وأكملت دراستها وحصلت على دبلوم معلمين، وخلال فترة دراستها عملت بالأشغال اليدوية، وجرى تعيينها بإدارة تعليمية، ولم تدخر جهدا ومالا لرعاية ابنيها حتى انتهاء مراحل التعليم المتوسط والجامعي!.
** الابنة البارة!
ورحلت والدة "أنيسة" المسنة مريضة السكر، والتي جرى بتر أجزاء من أطرافها، وصعدت روحها إلي السماء بعد رعاية من ابنتها البارة لمدة 20 عاما إلي جانب ابنيها .. وسافر الابن الأكبر إلى دولة عربية وأسس حياة مستقرة ومشروعا خاصا، ومع الأحداث خسر كل شيء وعاد لوطنه، فوقفت الأم بجانبه وأعطته مكافأة نهاية الخدمة ليبدأ من جديد، أما الابن الثاني فهو ضابط بالقوات الجوية وحاصل على بكالوريوس تجارة ومتفوق في مجاله.
** آخر المشوار!
وتحتفل "أنيسة" بجائزة الأم المثالية بمشاعر ممتزجة بين فرحة الانتصار علي المصاعب، وآلام تبعات مرض السكر، إذ تعاني من تآكل العظام في الفك العلوي والسفلي، ولا يوجد أي أسنان وجروح وتقرحات في الأطراف فضلا عن ضعف البصر!.