في ظلال شهر رمضان المعظم، تحتاج البيوت المصرية والعربية، إلى أن تتحول إلى واحة أمان وطمأنينة، وأن تتدبر أهمية توطين الاطمئنان في القلوب في زمن الدمار الشامل الذي صنعه الكيان الصهيوني في غزة الصامدة في محاولة فاشلة لنشر التخويف والإرهاب في وسط الشعب الفلسطيني الصامد المقاوم العزيز رغم الخذلان المريع .
لقد جسدت الأسر الفلسطينية ، وبخاصة الغزواية، منذ انطلاق معركة طوفان الأقصى ، نموذج الاطمئنان في أعلى مراتبه، رغم الكرب والمجاعة وجرائم الابادة الجماعية، حيث وثقت عشرات الاف من المرئيات، ثباتا عجيبا عند الفقد واطمئنانا فريدا عن النوازل، وصمودا مذهلا فوق كل تصور.
لا أشك لحظة ، في أن وراء كل هذا الاطمئنان الفلسطيني ، اتصال بالسماء وتفويض الأمر لصاحب الأمر، ويقين جازم بأن الشهداء في نعيم خالد وأن الأعداء في جحيم جاثم ، وأن كل كرب يهون في سبيل الاستقلال والتحرر وحماية المقدسات.
والآن، لدى البيوت المصرية والعربية، فرصة، في شهر رمضان الكريم، لتوطين الاطمئنان في البيوت والعائلات، والذي لن يتحقق إلا بعد الوعي الذاتي بأن البيوت لا تقوم أبدا على الخوف والارعاب، أو وضع العلاقات والمعاملات تحت سياط الإكراه والقهر، فالاطمئنان حاجة بشرية أساسية، والأسرة يجب أن تكون مصدر أساسي ومركزي له .
لن يتحقق الاطمئنان الأسري إلا بعد الإيمان التام بأن البيت ليس سجنا أو مركز الزعيق والتأديب، وأن الزوج ليس سجانا ولا إلها، وأن الزوجة ليست حاملة لواء التهديد واللوم والنكد ، وأن الأبناء ليسوا فئران تجارب ولا رهائن بيئات الأب أو الأم، ولنا في الأسر الفلسطينية آيات لقوم يتدبرون، فأعتقد أن الأجيال التي تقاوم حاليا نشأت في بيئات إيجابية متوازنة.
ولكن يتحقق الاطمئنان في البيوت عندما نفهم معنى قول النبي ﷺ: "من أصبح منكم آمناً في سربه، معافى في جسده، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا "، وعندما توقن البيوت أن حب السيطرة والإدارة الأسرية بالتخويف والإرعاب ، خطر داهم، وأن القبضة الحديدية للأب السلطوي أو السيطرة المطلقة للأم السلطوية باب شر مستطير يعرقل الوئام الأسري والاستقرار العائلي والمجتمعي.
لسنا في غزة أو الضفة الغربية أو القدس المحتلة ولسنا في كربهم، ولدينا فرصة كبيرة مع الشهر الكريم ، لإعلاء سبل الطمأنينة والسلام والاحتواء والحوار البناء، من أجل بناء الذات أولا، ثم من أجل أن تتفرغ البيوت لمساحات بث الاطمئنان في الفلسطينيين عبر مواصلة الدعم والتضامن والمناصرة، حتى انقاذهم قريبا ، بإذن الله ، من دوامة الإرهاب الصهيوني المدعوم أمريكيا.