إسرائيل قبل الهدنة كانت تسيطر على 50 كم في غزة والآن تتحرك في 20 كم فقط
"الجهاد" شاركت في طوفان الأقصى بعد 30 دقيقة من بداية العملية
الدمار الذي أصاب بيوت غزة رغم قسوته أفاد المقاومة
يوجد مسلمين داخل الجيش الإسرائيلي ولا أحد يعرف عدد شهداء المقاومة يوم 7 أكتوبر
جماعة السلطة الفلسطينية تكفر بالمقاومة وكل القيم الوطنية الفلسطينية
الأسرى الإسرائيليين تم تأمينهم على أعلي مستوى والأسيرات بصحبة نساء من المقاومة
لدينا شعور لأول مرة في التاريخ بأننا نستطيع هزيمة إسرائيل
الله يرحم مبارك وغزة تستحق مقعد دائم في مجلس الأمن
المقاومة "إتجننت" في غزة وتقوم بعمليات تفوق الخيال.
في مشهد يشبه أفلام هوليود، تحركت بنا سيارة أحد المرافقين لبضع دقائق، ثم توقفت بنا داخل "جراج" إحدى البنايات، وهناك وجدنا سيارة أخرى تشبه سيارات الدفع الرباعي، دلفنا بداخلها فوجدناها مظلمة معتمة تماما ، قائد السيارة ومرافقه يجسلون في الأمام لا يمكننا رؤيتهم، فبيننا وبينهم ستارة سوداء، وعن اليمين ستائر سوداء وعن الشمال ستائر سوداء، وقبل أن نركب السيارة طلبوا منا تسليم الهواتف لهم - إجراءات أمنية احترازية معتادة -
تحركت السيارة ببطء أحياناً ومسرعة أحياناً أخرى، ونحن لا نعرف أين نحن ولا أين نتجه، ولا نرى أي شئ على الإطلاق، ولكن كل تلك المقدمات كانت توحي بأن الشخصية التي سنلتقيها لإجراء حوار مفتوح معها لموقع" المصير" شخصية في غاية الأهمية.
ففي رحلة لبنان المثيرة التي قمنا بها أنا والصديق الخلوق محمد تمساح، إلتقينا بمجموعة من قادة الفصائل الفلسطينية وقادة المقاومة ومسئولين لبنانيين، ولم تحدث معنا هذه الإجراءات الأمنية المشددة، فهمنا وتفهمنا كل ذلك، فنحن في حرب مفتوحة مع إسرائيل، والحفاظ على قادة المقاومة من الإغتيال أمر في غاية الأهمية، ولا تقل أهميته عن العمليات العسكرية للمقاومة في قطاع غزة.
بعد فترة من الوقت توقفت السيارة وطلب منا المرافقين، بلطف شديد النزول.
وجدنا أنفسنا في جراج آخر، ثم دخلنا المصعد، وصعدنا إلى طابق لا نعرف رقمه، ودخلنا غرفة واسعة نظيفة ومهندمة ومرتبة، بها مكتب كبير خلفه أعلام فلسطين وصورة المسجد الأقصى وأعلام أخرى لحركات المقاومة، وعلى اليسار يوجد مكان واسع آخر للجلوس.
جلسنا ننتظر الشخصية التي سنحاورها، فإذا بنا أمام زياد النخالة أمين عام حركة الجهاد ومؤسس جناحها العسكري، والرجل الثالث على قائمة الإغتيالات الإسرائيلية بعد يحيى السنوار ومحمد ضيف.
إنه الرجل الذي رصدت واشنطن لرأسه 5 مليون دولار، والذي زعمت إسرائيل بأنها حاولت إغتياله الأسبوع الماضي في سوريا حينما قتلت مجموعة من قيادات الحرس الثوري الإيراني في قصف جوي لأحد المباني السكنية في دمشق.
قابلنا الرجل الستيني ذو اللحية الخفيفة الممتزجة بالبياض والعيون الضيقة بترحاب شديد وتواضع أشد، وكرم ضيافة غير عادي، حيث كانوا يقدمون لنا مشروب كل 10دقاىق بالإضافة إلى أطباق الفاكهة.
تحدث معنا قائد الجهاد بأريحية وإرتياح شديد، وكأنه كان مشتاقاً للحديث مع مصر والمصريين.
يعشق الرجل مصر وشعبها وتُرابها، ويُعول عليها كثيراً، ويراها الضلع الأكبر والأهم في منظومة الأمن القومي العربي وصاحبة الدور الأهم في القضية الفلسطينية تاريخياً وجغرافياً ..
ولكوننا مصريين كان ذلك كفيلاً بإزالة كل الحواجز وكل الكُلفة، وامتد اللقاء لأكثر من ساعتين ونصف بعد أن كان مقرراً له نصف الساعة.
تحدث معنا الرجل في كل شئ، بدايةً من كيف بدأ طوفان الأقصى، ومتى إنضمت حركة الجهاد للعملية، وكيف تم أسر الإسرائيليين، ومن يجلس مع الأسيرات من عناصر المقاومة، والوضع الحالي في غزة، والمساحة التي تسيطر عليها إسرائيل داخل القطاع، وكيف إستفادت المقاومة من هدم المنازل في غزة، ومتى ستنتهي الحرب من وجهة نظر المقاومة، وهل يتكرر طوفان الأقصى في الضفة الغربية أم لا، ولماذا لم تشارك الشرطة الفلسطينية في الحرب حتى الآن ،ومن أين تحصل المقاومة علي السلاح؟ ووصولاً إلى ترحمه على الرئيس الراحل مبارك الذي كان يسمح لمنظومة الأنفاق بين غزة ورفح أن تعمل وتغاضي عنها متعمداً باعتبارها متنفس الحياة الوحيد لغزة والمقاومة معا
وتناول الحوار نقاط أخرى كثيرة ومثيرة جداً.
وإلى نص الحوار:
سألناه في البداية عن الوضع الحالي للحرب الإسرائيلية على غزة وكم التضحيات والشهداء والجرحى والفاتورة الضخمة للمعركة، فعند أي حد يمكن أن يتوقف هذا الإجرام الصهيوني من وجهة نظره ؟
رد بكل ثقة ويقين قائلاً إسرائيل تورطت في دخولها غزة لأن مساحة القطاع 365 كيلو متر ، وعرضه 7 كيلو متر، وإسرائيل لا تستطيع التحرك في غزة الا في حدود 20 كيلو متر، فقبل الهدنة كانت تتحرك في مساحة 50 كم وبعد الهدنة التي جرت قبل شهر ونصف تقلصت المساحة التي يتحرك فيها الجنود الإسرائيلين إلى 20 كيلو متر.. والدمار الذي سببته آلة الحرب الصهيونية لغزة رغم قسوته، أفاد المقاومة.
توقفنا وسألناه كيف تحول الدمار الذي أصاب قطاع غزة إلى نقطة إفادة للمقاومة؟
فكان رده: لأنه أصبح خروج المقاومين وتخفيهم بين أنقاض المباني لاصطياد الجنود الإسرائيليين ومدرعاتهم أسهل بكثير.
ويكمل: لذلك ندمت إسرائيل بعدما تورطت في دخول غزة، "بقت مش عارفه تعمل ايه" هكذا قال..
ويضيف: فالتقدم هزيمة والتراجع هزيمة، والمقاومة إنتصرت عليهم من اليوم الأول من عملية طوفان الاقصى، وكبدتهم خسائر كبيرة في المعدات والأرواح، وعلى مدار أكثر من 3 شهور، وإبداع المقاومين الفلسطينيين لا يتوقف، ويشكل مفاجآت مذهلة للعدو الصهيوني.
"المقاومة اتجننت في غزة" هكذا وصف العمليات النوعية التي تقوم بها المقاومة في غزة والتي تصيب الإسرائيليين بالجنون.
ويتابع: المقاومة تقوم بعمليات مذهلة تفوق الخيال، وإسرائيل أصبحت في مأزق كبير بعد دخولها غزة، بالإضافة إلى أن هناك عدد كبير من الإسرائيليين خرجوا خارج غلاف غزة ، ويقدر عددهم ما يقرب من 300 ألف نسمة، والخوف الذي أصابهم بعد روئتهم لهزيمة جيشهم جعلهم يخافون من العودة، بالإضافة إلى سقوط المزاعم الإسرائيلية بأن جيشها لا يقهر، حيث إتضح الحجم الحقيقي للجيش الإسرائيلي وأنه جيش هش، والشعب الفلسطيني بعد طوفان الأقصى أصبح يشعر لأول مرة في التاريخ أنه يستطيع هزيمة إسرائيل، كما أظهرت الحرب الوجه الحقيقي لإسرائيل بقتلها للأطفال والنساء وهدمهم للمساجد والكنائس والمستشفيات، وظهرت الحقيقة بشكل تام، فإسرائيل دولة إرهابية.
ولكن في المقابل هناك ما يقرب من 30 ألف شهيد فلسطيني سقطوا في غزة فمن الذي يعوض الشعب عن هذا المصاب الجلل ؟
قال الرجل بكل يقين: ما يعوض الشعب الفلسطيني هو أن يرى مقاومته تنتصر يومياً، فالمقاومين هم أبناء هذا الشعب الفلسطينى، والشعب الفلسطيني لا يظهر أبداً أنه مُنكسر ، فهم يحملون أبناءهم الشهداء بأيديهم إلى القبر ويدفنونهم ثم يواصلون المقاومة، و50 % من سكان شمال قطاع غزة بقوا في أماكنهم ورفضوا أن يغادروا منازلهم.
وحينما سألناه وإلى أي مدى تستطيع المقاومة مواصلة التحدي والصمود ؟
قال: رجال المقاومة الفلسطينيين إستطاعوا بسلاح بسيط مُصنع محلياً، الانتصار على العدو الصهيوني الذي يمتلك أسلحة متطورة ومدعوم من امريكا والدول الغربية، وعقيدة المقاتلين هي مواصلة الصمود حتى تحقيق النصر،
وأذكر أنني قلت لوزير الخارجية الإيراني، أن غزة لا تملك شئ، وتتحدى العالم وتنتصر، لذلك يجب أن تكون غزة عضواً دائماً في الأمم المتحدة، وعضواً في مجلس الأمن، ولها حق الفيتو .
طرحنا عليه وجهة النظر الأمريكية والاسرائيلية الخاصة بأن مستقبل غزة بعد الحرب يجب أن يكون بلا حماس وبدون سلاح للمقاومة، فهل هذا الأمر قابل للنقاش أو التحقيق؟ كان هذا هو السؤال
فكان رده سريعا وحاسما: هذه أوهام، وهذا النوع من الثرثرة الفاضية لا قيمة له، حماس ليست مستوردة من الخارج ، حماس تشكل قطعة مهمة من الشعب الفلسطيني، والشعب الفلسطيني هو من يقرر مصيره -تحدث بنبرة وطريقة وحسم وكأنه قيادي بحماس وليس أمين عام حركة الجهاد-
إستفسرنا منه عما إذا كانت حركة الجهاد قد شاركت حماس في عملية طوفان الأقصى منذ الساعات الأولى لفجر يوم ٧ أكتوبر أم انضمت في وقت لاحق ؟
فقال: الجهاد شاركت مع حماس في طوفان الأقصى بعد نصف ساعة فقط من بدء العملية، ولكن لم نخطط مع حماس لها، ولكننا كمقاتلين فنحن جاهزين دائماً ، وقد كنا قبلها بيوم واحد ننفذ عرض عسكري.
ويكمل بتواضع وإيمان وتجرد: ليس لدينا حساسية أن تقود حماس هذه العملية، فالجهاد وحماس حلفاء، وحماس أكثر عدداً وقدرة ، ولكننا حاضرين معهم، ونقاتل معهم في الميدان ، وننسق معهم سياسياً وعسكرياً، وفي الميدان نحن وحماس نقاتل العدو الإسرائيلي، فكل المقاومين فلسطينيين.
كم بلغ عدد الشهداء من المقاومة يوم ٧ اكتوبر؟
لا احد يعرف العدد - هكذا كان رده مختصراً -
كان هناك سؤال يبدو مستفزاً ولكنه تطرحه بعض النخب العربية الممولة أمريكياً والمدعومة إسرائيلياً وترددنا هل نسأله أم لا وفي النهاية سألناه.. رددت بعض الأصوات والأقلام بأن عملية طوفان الأقصى تمت بالتنسيق بين حماس وإسرائيل؟
هذا الكلام يقال للهجوم على حماس من قِبل أعداءها، وهم يقولون أن حماس عميلة لإسرائيل، وهذا الكلام لا يزيد عن كونه ثرثرة وإدعاءات كاذبة، وكلام لا يستحق النقاش اصلاً، والقول بأن إسرائيل سمحت في البداية لحماس بالتواجد والنشأة من أجل مواجهة مشروع فتح حينما كانت فتح هي التي تقود المقاومة مردوداً عليه، فالإحتلال الإسرائيلي حينما نشأت حركة حماس وكان أعضائها يهتمون بالمسجد والصلاة، فإسرائيل تركتهم في البداية حينما إعتقدت أنهم سيكتفون بالتواجد في المساجد فقط، ولكن حينما إنخرطوا في الجهاد وفي المقاومة أصبحوا العدو الأول لإسرائيل.
سألناه عن أحوال الأسرى وكيف يعيشون ومن الذي يجلس مع الأسيرات الإسرائيليات من عناصر المقاومة ؟
المقاومة في حماس والجهاد لديها قطاعات نسائية، ولكن دورهم في العمليات الإنسانية واللوجيستية، كما اتضح في تبادل الأسرى ، وليس لهم دور قتالي، ونساء المقاومة قُمن بمرافقة الأسيرات الإسرائيليات النساء في الأماكن التي تم إحتجازهن فيها ، فالنساء الأسرى لديهن متطلبات ، ولا يجوز أن يرافقهن الرجال، وبعضهن إحتجن لمتطلبات وأمور لا يجوز أن يطلع عليها غير النساء.
هل ترى أن الحرب الإسرائيلية على غزة لها دوافع وأسس دينية لدي الصهاينة؟
المشروع الصهيوني قائم على أساس ديني، فالدين عند اليهودي أساس للدولة الصهوينية.
كيف ترى مسألة وجود جنود مسلمين داخل الجيش الإسرائيلي ؟
يوجد جنود مسلمون في الجيش الإسرائيلي، ويقاتلون في صفوفهم، ولكن بالنسبة لنا هم أعداء ، فنقاتلهم ونقتلهم مثلما نقتل أي جندي صهيوني، وهولاء عملاء وخونة فقدوا صفة المسلم والعربي.
سألناه عن الخطط التي سبق وأن أعلنتها إسرائيل عن إغراق أنفاق غزة بالمياه للقضاء على المقاومة ؟
فكان رده: الأنفاق ليس بالضرورة أن تكون متصلة ببعضها، وأينما تذهب في غزة يوجد أنفاق، وهذه تجربة يريدون خوضها، خلينا نشوف كيف سينفذوها - قالها بلغة الواثق أن هذا الأمر لن يكتب له النجاح -
ولكننا عُدنا وسألناه... ألا يوجد تخوف من أن إغراق الأنفاق، قد يؤدي لمقتل الأسرى الإسرائيليين والذين يمثلون ورقة ضغط للمقاومة ؟
فرد بشكل قاطع: الأسرى الإسرائيليين مُؤمَنين.
وكم عدد الأسرى الإسرائيليين الفعلي لدي المقاومة ؟
عددهم يعرفه قادة المقاومة، وإسرائيل نفسها لا تعرف عدد أسراها.
هل ما زلتم مصرون على تبيض السجون الإسرائيلية من الأسرى الفلسطينيين ؟
الكل بالكل، ولن نرضى إلا بتحرير السجون الإسرائيلية من جميع الأسرى الفلسطينيين ، والجميع رأي أن حماس استطاعت إداراة تبادل الأسرى بإحترافية حتى الآن .
نقلنا دفة الحوار للضفة الغربية، وسألناه عما إذا كان نقل المعركة ولو بشكل جزئي للضفة الغربية، قد يخفف العبء على غزة؟
فكان رده: جبهة القتال مع العدو في الضفة الغربية متحركة، ومعركتنا الأساسية في الضفة والتي تبلغ مساحتها ٦٠٠٠ كيلو متر مربع، والحرب في الضفة أشد من الحرب في غزة، ولكن يوجد بعض الإنقسامات في الضفة الغربية، بالإضافة الى أن الإمكانيات في الضفة ليست كالمتاحة في غزة، ووصل سعر البندقية من المهربين إلى ٢٥ الف دولار، ولكن ليس لدينا خيار آخر غير المقاومة في فلسطين كلها، وسنرى الكثير من المقاومة في المستقبل .
ولكن اليس من الغريب أن أكثر من 40 الف شرطي فلسطيني في الضفة الغربية ومعهم سلاح ولم يحرك منهم واحداً ساكناً تجاه ما يحدث في غزة؟؟ سألناه هذا السؤال الاستنكاري
فكان رده باختصار: هم مغلوبون على أمرهم مثلهم مثل كل المغلوبون على أمرهم فى كل الشعوب العربية، وما يحدث في غزة وفلسطين ليس شأناً فلسطينياً فقط بل هو شأن عربي وإسلامي ويخص كل العرب والمسلمين.
سألناه عن مصادر سلاح المقاومة ومن أين يحصل رجال المقاومة على بنادق القنص والأسلحة سواء داخل غزة أو في الضفة الغربية؟
فقال: معظم الأسلحة مصنعة محلياً بإمكانات بسيطة للغاية، وفيما يتعلق ببنادق القنص وبعض الأسلحة الأخرى نشتريها من الإسرائيليين أنفسهم بأضعاف سعرها، ونشتري من عرب 48.
كان السؤال الأخير عن تصريحات نتنياهو بأنه سيستهدف السلطة الفلسطينية لأنها تسعى لتدمير إسرائيل هي الأخرى ولكن على مراحل، فهل هذا الأمر قد يغير من موقف السلطة ويجعلها تنضم للمقاومة المسلحة للمشروع الصهيوني؟؟.
فقال جماعة السلطة يَكفرون بالمقاومة وبكل القيم الوطنية الفلسطينية، وهم حالمون بأن الحل السلمي مع إسرائيل قد يؤدي إلى نتيجة .