رئيس مجلس الادارة: نجلاء كمال
رئيس التحرير: محمد أبوزيد
advertisment

محمد حماد يكتب لـ”المصير”: بسم الله نبدأ

المصير

الخميس, 21 ديسمبر, 2023

03:54 م

كنت دائمًا أعد نفسي واحدًا ممن يسعدون بفعل الكتابة، وأحسبني في أسعد لحظات حياتي إذا سمعت خبرًا عن عمل صحفي أو إعلامي جديد، خاصة إذا كان مميزًا.


تركتُ المحاماة بعد أربعة مواسم قضائية سعيًا وراء الصحافة، تصورت أن المحاماة رسالة فإذا بالممارسة على أرض الواقع تُحيلها إلى "لقمة عيش" وقفت في حلقي، فابتعدت عنها راضيًا غير آسف على ما فاتني من كسب منها.
اخترت بمحض إرادتي أن أعمل بالصحافة، وتوجهت إلى صحافة الاعتراض منذ اللحظة الأولى، فلم أكن أتصور أن لمثلي مستقبل في صحافة تقبض الحكومة على رقبتها.
تنقلت بقلمي من صحيفة إلى أخرى، ومن بلدٍ إلى آخر، أحاول في كل مرةٍ ألَّا تتحول الكتابة إلى "لقمة عيش"، وأن تبقى الصحافة رسالة.


سافرت إلى "قبرص" وقت ازدحامها بالمطبوعات الصحفية العربية المهاجرة إليها، ومن بينها الصحافة اللبنانية في زمن هجرتها إبان الحرب الأهلية، كان هدفي أن أحصل على سعادة العمل المهني المميز، وهناك تعاملت مع أحدث الإمكانيات المادية للارتقاء بالعمل الصحفي إلى آخر ما توصل إليه العالم المتقدم في هذا المضمار.
شاركت في تأسيس جريدة العربي المصرية (وهذه قصة طويلة يجب ان تروى في يوم من الأيام)، ثم سافرت مرة أخرى بعد محطة استراحة استمرت سنوات إلى "دبي" أبحث عن سعادة أن تكون إضافة حقيقية إلى عمل صحفي، وغادرته والقائمون على جريدتها الرسمية يقولون: نشكرك على تعويم الجريدة، وكانت تلك لحظة من لحظات السعادة الحقيقية عندي.
ومن بعد استقر قلمي في جريدة "العربي" أكتب فيها بانتظام حوالي ثلاثة عشر عامًا تحت عنوان "سؤال بريء".


خلال رحلتي مع الصحافة والقلم أدمنت التحريض على البدايات الجديدة، والفرح بالإصدارات الجديدة، وكثيرًا ما كنت أدعو كل من يملك قدرات تؤهله للتوجه إلى إصدار جديد.


الساحة عطشى لأصواتٍ جديدة تعبر بطريقتها وتجربتها المهنية عن نبض الناس، وترسم معالم الطريق إلى واقع أفضل وأحوال أحسن.


الحياة الإعلامية والصحفية في مصر في حاجة ماسة إلى كل الجهود وكل الكفاءات وكل القدرات التي تستطيع أن تسد النقص الكبير فيها.


ويبدو أن أهل "المصير" لم يكونوا في حاجة إلى تحريض مني أو من غيري، فلم ألبث طويلاً حتى أبلغني الصديق العزيز رئيس التحرير بخبر إصدار " المصير" موقعًا إلكترونيًا، وفي لحظتها أعلنت عن سعادتي الكبيرة وترحيبي الحار، واعتبرتها خطوة أولى على طريق الميل الأول.


وإذ دعيت ـ الآن ـ إلى الكتابة الأسبوعية في "المصير"، فقد كانت سعادتي مزدوجة؛ مرة بعمل جديد متميز، وأخرى بالكتابة إلى جانب أصدقاء جدد متميزون بدورهم.


تعودت طوال مسيرتي في الصحافة والكتابة على أن يكون قلمي مباشرًا، ذلك أن التورية لم تعد صالحة في الزمن العربي الذي نعيش، وإذا كان للعرب أهداف لغوية أو جمالية من وراء "التورية" التي هي ستر الخبر وإظهار غيره، فلست أرى أهدافًا جمالية الآن أكثر من المباشرة.


ولعلي واحد من ناس كثيرين يرون أن أحوالنا لم تعد تقبل أن يتوارى الكاتب وراء فكرة ملغزة، أو يتخفى خلف كلمات مهجورة، أو عبارات ممسوحة المعني، أحوالنا لم تعد تقبل ـ بأي حالٍ ـ إلا أن نذهب إلى ما نريد قوله مباشرة، من دون لفٍ أو دوران، وأن يتوجه حديثنا من أقصر طريق إلى قلب المعنى، وأن يوجه مباشرة إلى عقل القاريء وقلبه.

زماننا هذا لا يصلح معه إلا الكلام المباشر، وأحوالنا تلك لا يصلح لها إلا الكلام الصريح، وربما الجارح.

لماذا يتوارى الكاتب إذا كانت الكتابة موقف، والمواقف لا تعرف غير المباشرة والوضوح والتحديد؟

ولماذا يوري الكاتب إذا كانت الأقلام نفسها لم تعد ترضى إلا أن تكتب ما هو حقه الكتابة؟


مبروك لهذا الإصدار الجديد.
مبروك لكل القائمين على "المصير" لعله يشارك في رسم بعض خطواتنا إلى ما نحلم به لمصرنا ولوطننا العربي الكبير.
نواصل الأسبوع القادم