كتبت: رؤى حسنين
هل تستطيع الصادرات غير البترولية تحقيق أهدافها بنهاية هذا العام، وجمع حصيلة دولارية كبيرة تتجاوز حصيلة العام الماضي؟... تشير مؤشرات مبدئية، ساقها بعض المصدرين والخبراء في مجال التصدير، إلى أن حفاظ الصادرات على ثباتها أو ارتفاعها بنسب طفيفة مقارنة بالعام الماضي، هو الاقرب في عام ٢٠٢٣، مستبعدة ان تحقق مستهدفها بارتفاع بنسب كبيرة كما كان مستهدفا مع بداية العام.
وحققت الصادرات المصرية الإجمالية العام الماضي ٥٢.١ مليار دولار، بزيادة نسبتها ١٩.٤% ، فيما حققت الصادرات غير البترولية منها، ٣٥.٥ مليار دولار مقابل ٣٢.٥ مليار دولار العام السابق له، وهو رقم غير مسبوق للصادرات غير البترولية، وذلك بنسبة زيادة ٩% ، بحسب بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء.
فيما كان مستهدفا منذ بداية العام، ان ترتفع الصادرات غير البترولية بما يترواح بين ١٥ و ٢٠% هذا العام، وذلك سعيا للوصول الى ١٠٠ مليار دولار صادرات خلال سنوات قليلة، وفقا للتوجيهات الرئاسية بالنهوض بالصادرات طفرات كبيرة.
وتخصص الحكومة دعما للصادرات من خلال برنامج دعم الصادرات "رد الاعباء التصديرية" بقيمة ٢٨ مليار جنيه سنويا، وذلك بزيادة تتجاوز ٤٠٠% عن قيمة مخصصاته العام الماضي، وذلك بغية الوصول بالصادرات الى أعلى حصيلة دولارية ممكنة، لكون الصادرات أهم احد موارد الدولار محليا ، ما يسهم في التخفيف من حدة أزمة نقص الدولار.
وقال المهندس مجدي طلبه رئيس المجلس التصديري للملابس الجاهزة سابقا، وعضو غرفة الملابس الجاهزة باتحاد الصناعات، انه ليس من المتوقع أن تنجح الصادرات غير البترولية هذا العام في تجاوز قيمة ما حققته العام الماضي، وأن تحقق المستهدف لها ، مرجعا توقعه إلى جملة من العقبات والازمات عرقلت الصناعات التصديرية خلال عام ٢٠٢٣، وأضاعت على الصادرات فرصة الاستفادة من الارتفاع غير المسبوقي في سعر الدولار، حيث كانت هناك فرصة لتحقيق حصيلة تصديرية استثنائية هذا العام، ما كان يساعد في تحقيق الهدف القومي بالوصول الى ١٠٠ مليار دولار صادرات.
وأوضح طلبه في تصريح ل" المصير" أن ندرة الدولار وصعوبة تدبيره، من أهم المشكلات التي واجهت الصناعة المحلية ومن ثم الصناعات التصديرية، حيث عانت المصانع من صعوبة في توفير احتياجاتها من الدولار لاستيراد الخامات ومستلزمات الانتاج، الأمر الذي أنعكس بالسلب على تدفق وانتظام عجلة الانتاج، كما أثر بشكل أكبر على تكلفة الانتاج ودفعها لارتفاع شديد وأحال دون تحصيل مكاسب من وراء ارتفاع الحصيلة الدولارية للدولار، فضلا عن تأثيره السلبي على التنافسية بالاسواق الخارجية.
وأضاف أن من العوامل أيضا التي قد تحد من فرصة نمو الصادرات بالنسبة المستهدفة هذا العام، هو عدم إجادة التسويق الدولي، و عدم الاستفادة من فرص خروج بعض المنافسين أو تراجعهم من بعض الاسواق العالمية، وذلك مثل الصين في بداية العام والتي تأثرت خطوط الشحن منها وإليها سلبا بسبب ارتفاع التكلفة، ما ادى إلى افساح الطريق امام صادرات دول جديدة ، كان يمكن للصادرات المصرية أن تكون واحدة منهم، او تحصل اكبر استفادة من ذلك، كذلك شهدنا مؤخرا تراجع الصادرات التركية والبنجلاديشية بسبب أزمات اقتصادية داخلية لديهم، ما يمثل فرصة أيضا لإحلال محلهم ولو بجزء صغير في بعض الاسواق الخارجية.
وأشار إلى أن عدم الاهتمام الكافي بالتحديث والتطوير للمنتج المصري المصدر، يعد مشكلة تؤثر بالسلب على جودة المنتج ومطابقته للمواصفات القياسية الدولية المطلوبة، وبالتالي تؤثر على تنافسيته، لذلك لابد من تحفيز الحكومة للمصانع للاهتمام بالتطوير، ما قد يتطلب تقديم مساندة أو تيسييرات لتشجيعهم على ذلك، وهو ما يصب في النهاية الى زيادة حصيلة الصادرات .
وقال المهندس شريف الصياد رئيس المجلس التصديري للصناعات الهندسية، أنه بالطبع واجهت الصادرات غير البترولية عقبات عديدة عام ٢٠٢٣، وهو ما قد يحول دون ارتفاعها بالدرجة المستهدفة، وذلك بالنسبة لإجمالي الصادرات.
وأوضح في تصريح ل" المصير" أن الأزمات العالمية مثل الحرب الروسية الاوكرانية، وحرب اسرائيل على غزة، أثرت بشكل كبير على الاقتصاد المحلي بكافة مجالاته، بدءا من شح الدولار، وما تبعه من صعوبة تدبير الاحتياجات المستوردة من أجل التصنيع، وتكدس البضائع بالموانئ، واشتعال اسعار مختلف السلع والمنتجات، وحتى ارتفاع تكاليف خطوط الملاحة لنقل الصادرات، مؤكدا أن هذا العام الذي يوشك على الانقضاء، لم يكن سهلا على الاطلاق، وحفاظ الصادرات على ارقامها دون تراجعات يعد نجاحا في ذاته.
ولفت إلى أن عدم التفعيل الحقيقي والجاد لتعميق التصنيع المحلي، يعد ايضا من العوامل التي اثرت سلبا على الصادرات، وذلك نظرا لكون هناك اعتماد كبير من مختلف الصناعات على المكون المستورد، ففي الصناعات الهندسية على سبيل المثال، تتراوح نسبة المكون الاجنبي بالمنتجات ما بين ٤٠ و ٦٠%، ما يجعل هناك ضرورة ملحة لتشجيع تصنيع المكونات وبغض مستلزمات الانتاج محليا، للحد من فاتورة الاستيراد، تخفيف الضغط على الدولار في الوقت نفسه، وهو ما ينعكس ايجابا على قوة الصادرات وخفض تكلفتة انتاجها ، ومن ثم ارتفاع تنافسيتها بالاسواق الدولية.